الثّالث : المصدر من نحو «وعد» (١).
وفهم من قوله : «كعدة» أن يكون المحذوف منه مصدرا ، فلو كان اسما لم يحذف نحو «وجهة» (٢).
وفهم منه أيضا : أنّ المصدر / إذا أريد به الهيئة ، لم يحذف ، نحو «الوعدة».
ثم قال رحمهالله تعالى :
وحذف همز أفعل استمرّ في |
|
مضارع وبنيتي متّصف |
يعني : أنّه اطّرد حذف الهمزة من «أفعل» في المضارع ، وفي اسم الفاعل واسم المفعول ، وهو المعبّر عنهما بـ «بنيتي متّصف».
وكان الأصل أن لا تحذف الهمزة في ذلك ، كما لا يحذف سائر الزّوائد من الفعل ، نحو «تدحرج ، وخاصم» ، لكن استثقل اجتماع همزتين في فعل المتكلّم في نحو «أكرم» ، فحذفت الهمزة ، وحمل على «أكرم» : «تكرم ، ونكرم ، ويكرم» ، واسم الفاعل ، واسم المفعول (٣).
والمراد بـ «أفعل» : الفعل الماضي.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ظلت وظلّت في ظللت استعملا |
|
وقرن في اقررن وقرن نقلا |
يعني : أنّ «ظللت» بكسر الّلام يجوز أن يحذف منه إحدى الّلامين ، مع كسر الظّاء وفتحها ، فتقول : «ظلت ، وظلت».
وظاهر النّظم أنّ هذا الحكم مخصوص بهذا الّلفظ ، وزاد سيبويه «مسست» (٤) ، وفي القياس عليهما خلاف (٥). وقوله :
__________________
(١) في الأصل : عدة. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١. وهو أيضا محمول على الفعل المضارع في الحذف. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١ ، شرح المرادي : ٦ / ٩٦.
(٢) قال ابن حمدون في حاشيته (٢ / ٢٠١): «وجهة» بكسر الواو اسم للمكان المتوجه إليه ، وليس اسم مصدر للتوجه ، ولو قلنا بذلك لكان إثبات الواو شاذا. انتهى.
(٣) وذلك كما حمل على «يعد» سائر أفعال المضارع. انظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١ ، شرح الملوكي : ٣٣٥ ، ٣٤٣.
(٤) قال سيبويه في الكتاب (٢ / ٤٠٠): «ومثل ذلك قولهم : «ظلت ، ومست» ، حذفوا ، وألقوا الحركة على الفاء ، كما قالوا : «خفت» ، وليس هذا النحو إلا شاذا ، والأصل في هذا عربي كثير ، وذلك قولك : «أحسست ومسست ، وظللت». انتهى. وانظر شرح المكودي : ٢ / ٢٠١ ، شرح المرادي : ٦ / ١٠٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٣٩٧ ، الهمع : ٦ / ٢٥٣.
(٥) فذهب الشلوبين إلى أن هذا الحذف مطرد في كل فعل مضاعف على «فعل» وصرح سيبويه