لأنّه لا يعرف له فعل.
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
وأشدد او أشدّ أو شبههما |
|
يخلف ما بعض الشّروط عدما |
(ومصدر العادم بعد ينتصب |
|
وبعد أفعل جرّه بالبا يجب) (١) |
إذا أريد التّعجّب من فعل لم يستكمل شروط «أفعل» التّعجّب (٢) ـ أقيم مقامه «أشدد» قبل مجرور بباء ، أو «أشدّ» بعد «ما» ، أو ما أشبههما من «أكثر ، وأسرع» ، ونحوهما ، ثمّ يؤتى بمصدر الفعل الّذي امتنع بناء فعل التّعجّب منه مضافا إلى المتعجّب (٣) منه ، منصوبا بعد «ما أفعل» ، ومجرورا بالباء بعد «أفعل» ، نحو (ما) (٤) أشدّ انطلاقه ، وأشدد بانطلاقه ، وما أسرع فناءه ، وأسرع بفنائه (٥) ، وما أكثر كونه منطلقا ، وأكثر بكونه منطلقا» ، فإن لم يكن للفعل مصدر ـ أتي بفعله مع (٦) حرف مصدريّ ، نحو «ما أكثر ما عنيت بحاجتي ، وما أكثر أن كان زيد يقوم» (٧).
__________________
من بين ما اطلعت عليه من مصادر برواية «يعنى» ، ومعناه : يهتم (انظر اللسان : عنا) ، ولعل المعنى على رواية غير المؤلف أوفق وأدل على المراد. والمعنى : أن مدمن الصبر في الأمور حقيق بأن يظفر ببغيته ، وينال مراده ، كما أن من أدام قرع أبواب مداخله وغمز مفاصل آرابه حقيق بولوجه ووصوله. والشاهد فيه شذوذ مجيء أفعل التعجب مما لا فعل له ، كما في قوله «أخلق بذي الصبر» ، فيحفظ ولا يقاس عليه.
انظر العقد الفريد : ١ / ٧٠ ، ٢٤١ ، البيان والتبيين : ٢ / ٣٦٠ ، شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٨٢٩ ، شرح الأشموني : ٢ / ٢٣٤ ، الضرائر : ٨٩ ، فتح رب البرية : ٢ / ٢٩٣.
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر الألفية : ١٠٣.
(٢) في الأصل : التعجب منه.
(٣) في الأصل : التعجب.
(٤) ما بين القوسين ساقط من الأصل.
(٥) ذكر الأزهري في التصريح أن الذي لا يتفاوت معناه ، نحو «مات وفنى» لا يتعجب منه البتة ، لأنه وإن كان له مصدر ، فليس قابلا للتفاضل. وقال : «إلا إن أريد وصف زائد عليه ، فيقال في نحو «مات زيد» : «ما أفجع موته ، وأفجع بموته» كما يرشد إليه كلام الشارح». انتهى.
انظر التصريح على التوضيح : ٢ / ٩٣ ، شرح ابن الناظم : ٤٦١ ـ ٤٦٢ ، المساعد على تسهيل الفوائد : ٢ / ١٦٤.
(٦) في الأصل : من.
(٧) أغفل المؤلف شرح قول الناظم :
وبالنّدور احكم لغير ما ذكر |
|
ولا تقس على الّذي منه أثر |
والإشارة بهذا البيت إلى أنه قد ورد بناء فعل التعجب مما لم يستوف الشرط على وجه