أحدها : أن يكون الفعل الّذي دخلت عليه مستقبلا ، فلا يجوز النّصب في نحو : «إذن تصدق» ، جوابا لمن قال : «أحبّ زيدا».
الثّاني : أن تكون مصدّرة ، فلو وقعت حشوا ، كقوله :
٢٤٤ ـ لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها |
|
وأمكنني منها إذن لا أقيلها |
لم تعمل شيئا ، فإن تقدّمها عاطف ـ كالواو والفاء ـ فالأكثر أن تقدّر خارجة عن التّصدّر بذلك ، فيرفع الفعل بعدها ، وبه قرأ السّبعة : وإذن لا يلبثون خلفك (٢) [الإسراء : ٧٦] ، فإذن لا يؤتون الناس (٣) [النساء : ٥٣] ، وبعضهم
__________________
٢٤٤ ـ من الطويل لكثير بن عبد الرحمن الخزاعي (صاحب عزة) من قصيدة له في ديوانه (٣٠٥) يمدح فيها عبد العزيز بن مروان ، وقبله :
حلفت بربّ الرّاقصات إلى منى |
|
يغول البلاد نصّها وذميلها |
ويروي : «لا أفيلها» بدل «لا أقيلها» أي : لا أفيل رأيه فيها ، والفيلولة : ضعف الرأي ، قال البغدادي : وهي رواية مناسبة. قوله : «بمثلها» أي : بمقالة مثلها ، وهي قول عبد العزيز له : «حكمك يا أبا صخر» عند ما أنشده القصيد ، وأعجب عبد العزيز بقوله فيها :
إذا ابتدر النّاس المكارم بذّهم |
|
عراضة أخلاق ابن ليلى وطولها |
فقال كثير : فأنى احكم أن أكون مكان ابن رمانة ـ وكان ابن رمانة كاتب عبد العزيز وصاحب أمره ـ فرده عبد العزيز. لا أقيلها : أى : اطلب منه ما لا اعتراض عليّ فيه ولا قدح ، والإقالة : الرد. والشاهد في قوله «إذن» حيث ألغيت عن العمل لوقوعها حشوا بين القسم وهو قوله في البيت قبله : «حلفت ...» وجوابه ، وهو قوله : «لا أقيلها» ، والتقدير : حلفت برب الراقصات لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها لا أقيلها إذن.
انظر شرح الأشموني : ٣ / ٢٨٨ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٣٤ ، شرح ابن الناظم : ٦٦٩ ، الشواهد الكبرى : ٤ / ٣٨٢ ، الكتاب مع الأعلم : ١ / ٤١٢ ، شواهد ابن السيرافي : ٢ / ١٤٤ ، شرح ابن يعيش : ٩ / ١٣ ، ٢٢ ، الحلل : ٢٦٦ ، جمل الزجاجي : ١٩٥ ، الخزانة : ٨ / ٤٧٣ ، ١١ / ٣٤٠ ، شواهد الفيومي : ٨٩ ، شواهد المغني : ١ / ٦٣ ، أبيات المغني : ١ / ٧٨ ، الدرر اللوامع : ٢ / ٥ ، شواهد ابن النحاس : ٢٧٠ ، شواهد المفصل والمتوسط : ٢ / ٦٣٥ ، شذور الذهب : ٢٩٠ ، مغني اللبيب : ١٨ ، الهمع : ١٠١١ ، المقتصد : ٢ / ١٠٥٥ ، معاني الأخفش : ٢ / ٤٩٨ ، شرح دحلان : ١٥١ ، البهجة المرضية : ١٥١.
(١) وقرأ أبي بن كعب : «لا يلبثوا» بإسقاط النون. انظر القراءات الشاذة : ٧٧. وخلفك : بغير ألف أي : بعدك ، وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي بكر ، وقرأ الباقون «خلافك» أي : مخالفتك.
انظر حجة القراءات : ٤٠٨ ، إملاء ما من به الرحمن : ٢ / ٩٥ ، النشر في القراءات العشر : ٢ / ٣٠٨ ، إتحاف فضلاء البشر : ٢٨٥ ، المبسوط في القراءات العشر : ٢٧١.
(٢) وقرأ ابن مسعود : «لا يؤتوا» بحذف النون ، جعله جوابا في موضع النصب. انظر القراءات الشاذة : ٢٩٩.