وتعرف الأولى : بأن يتقدّم عليها جملة متضمّنة لمعنى القول دون حروفه (١) ، وأكثر ما يليها الأمر ، نحو : (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ)(٢) أَنْ سَبِّحُوا [مريم : ١١] ، (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) [المؤمنون : ٢٧].
وأكثر ما تقع الثّانية بعد «لمّا» ، نحو : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) [يوسف : ٩٦] ، (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً) [العنكبوت : ٣٣].
ثمّ قال رحمهالله تعالى :
ونصبوا بإذن المستقبلا |
|
إن صدّرت والفعل بعد موصلا |
أو قبله اليمين وانصب وارفعا |
|
إذا إذن من بعد عطف وقعا / |
هذا هو الحرف الرّابع ممّا ينصب الفعل المضارع بنفسه وهو : «إذن» (٣).
قال سيبويه : «وهي حرف جزاء وجواب» (٤).
وذكر المصنّف لعملها ثلاثة شروط :
__________________
انظر شرح الأشموني : ٣ / ٢٨٤ ، مغني اللبيب : ٣٢١ ، المحتسب : ٢ / ٢٥٩ ، شواهد المغني : ١ / ٩١ ، أبيات المغني : ١ / ١٢٨ ، الجنى الداني : ٢٢٧ ، الإفصاح : ١٠٧ ، حاشية يس : ٢ / ٢٤٧ ، حاشية الخضري : ٢ / ١١١.
(١) ولا تقع بعد صريح القول خلافا لابن عصفور ، حيث ذهب إلى أنها قد تكون مفسرة بعد صريح القول ، وجعل منه قوله تعالى : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) فـ «أن» في الآية تفسيرية لـ «ما» في «ما أمرتني» لا للمجرور في «به» ، وتمسك بقوله تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) فإن التقدير : قائلا بعضهم لبعض : «أن امشوا». وأجيب : إما بأن «أن» زائدة ، أو بأن القول المقدر كالفعل المؤول بالقول في عدم الظهور ، أو بأن «انطلق» متضمن لمعنى القول ، لأن المنطلقين عن مجلس يتفاوضون فيما جرى فيه.
انظر مغني اللبيب : ٤٨ ، جواهر الأدب : ٢٣٧ ، الجنى الداني : ٢٢١ ، شرح ابن يعيش : ٨ / ١٤١ ـ ١٤٢ ، شرح الرضي : ٢ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٣٢.
(٢) في الأصل : فأوحينا إليه ، تحريف.
(٣) هذا عند الأكثرين ، وقال الزجاج والفارسي : الناصب «أن» مضمرة بعدها لا هي ، ونقل عن الخليل. وقد اختلف في حقيقتها : فذهب الجمهور إلى أنها حرف ، وذهب بعض الكوفيين إلى أنها اسم ظرف ، وأصلها «إذ» الظرفية لحقها التنوين عوضا من الجملة المضاف إليها. ثم اختلف القائلون بحرفيتها : فقال الأكثرون إنها بسيطة ، وذهب الخليل في أحد قوليه إلى أنها مركبة من «إذ» و «أن».
انظر الهمع : ١ / ١٠٣ ـ ١٠٤ ، شرح المرادي : ٤ / ١٩٠ ، التصريح على التوضيح : ٢ / ٢٣٤ ، شرح الأشموني : ٣ / ٢٩٠ ، مغني اللبيب : ٣٠ ، الجنى الداني : ٣٦٣ ، جواهر الأدب : ٤١٨ ، شرح الرضي : ٢ / ٢٣٥ ، ارتشاف الضرب : ٢ / ٣٩٥.
(٤) قال سيبويه في الكتاب (٢ / ٣١٢): «وأما «إذن» فجواب وجزاء».