قال ـ فيما حكي عنه ملخّصا ـ : إنّه مخاطب في تمام الوقت بصلاة واحدة مخيّرا في أيّ جزء منه بلا ترتيب ، ففي أيّ جزء يلاحظ حالته ويعمل بموجب حالته من كونه مسافرا ـ مثلا ـ فيقصّر ، أو حاضرا فيتمّ ، ومن الحالات إذا كان واجدا للماء فبالطهارة المائيّة ، أو غير واجد له فبالترابيّة ، ولا يجب في جزء من الزمان المتقدّم حفظ حالته للزمان المتأخّر. انتهى.
واستغرب الحاكي صدور هذا الكلام من مثل المحقّق ، وقد عرفت أنّه ليس بهذا المكان من الغرابة وإن كان مخالفا لما هو المغروس في الأذهان ، المستظهر من الأدلّة خصوصا بعد ما عرفت من الإشكال الذي ينحصر حلّه بالالتزام بالوجوب النفسي التقديري للطهارة المائيّة.
وكيف كان فقد ظهر لك بما ذكرنا أنّه لا ملازمة بين وجوب الطلب والفحص عن الماء عند احتمال وجوده ، وبين وجوب حفظ الماء الموجود وحرمة إتلافه ؛ لإمكان كون كلّ من القادر والعاجز موضوعا مستقلّا في عرض الآخر ، كالمسافر والحاضر ، فلا يحرم عليه تحصيل العجز ، لكن يجب عليه عند الشكّ في كونه قادرا أو عاجزا الاختبار والفحص لإحراز ما يقتضيه تكليفه ، فالاستدلال على وجوب الحفظ بفحوى وجوب الطلب ونحوها غير وجيه ، والعمدة فيه ما عرفت ، والله العالم.
وإن كان تفويت التكليف بجعل المكلّف نفسه عاجزا عن الامتثال قبل حضور زمان الفعل ـ كما لو صيّر المكلّف قبل الوقت نفسه عاجزا من أن يصلّي في الوقت ، أو يأتي ببعض أجزائها أو شرائطها التي لا يعذر فيها العاجز إلّا لعجزه عن الامتثال ـ فالحقّ أنّه كتفويته بعد حضور وقت الفعل ، فيحرم مطلقا ، كما عرفت