السابق.
وهذا إمّا أن يكون بعد تنجّز الخطاب وحضور زمان إيجاد الفعل المأمور به ، كإراقة الماء مع الانحصار عند تنجّز التكليف بالغسل والوضوء بعد دخول وقت الصلاة ، وإمّا أن يكون قبل تنجّز الخطاب ، كإراقته قبل الوقت.
أمّا الأوّل : فلا شبهة في قبحه وترتّب العقاب عليه ، وإن كان قد يتأمّل في جهة الاستحقاق من أنّه هل هو لأجل ما يترتّب عليه من مخالفة الواقع أو لما فيه من حيث هو من القبح ، أو لهما بمعنى أنّه إن ترتّب عليه فوت الواقع فيعاقب عقابه ، وإلّا فيعاقب على نفسه ؛ لكونه من أقسام التجرّي الذي لا يقتضي قبحه إلّا استحقاق العقاب عليه بهذه الكيفيّة.
وكيف كان فربما يشكل الأمر في مثل الوضوء والغسل الواجبين مقدّمة للصلاة الواجبة إذا فوّتهما المكلّف بتقصيره وأتى ببدلهما ـ وهو التيمّم ـ وصلّى معه بناء على صحّة التيمّم والصلاة كما هو الأظهر ، فإنّه وإن أشرنا فيما تقدّم إلى أنّ استحقاق العقاب على تفويتهما من المسلّمات ـ بل لعلّه هو المغروس في أذهان المتشرّعة ـ لكنّه مع ذلك لا يخلو عن إشكال ؛ نظرا إلى أنّ وجوبهما ليس إلّا لتوقّف الصلاة الواجبة عليهما ، وهو إنّما يكون مع القدرة ، وأمّا مع العجز عنهما فلا تتوقّف عليهما الصلاة الواجبة ؛ لأنّ المفروض صحّتها مع التيمّم ، فأراقه الماء أو ترك الطلب ، الموجب لتعذّر الوضوء والغسل لا تؤثّر إلّا في فوت الواجب الغيري من دون أن يترتّب عليه فوت الغير الذي وجبا لأجله ، فلا مقتضي للعقاب حتّى من باب التجرّي ولو على القول بكون ترك المقدّمة من حيث هو منشأ لاستحقاق العقاب ؛ إذ لا تجرّي بعد عزمه على الخروج من عهدة الواجب النفسي