الرجل موافقة لم تتضمّن مناظرة ، ثمّ ادّعى عليه أنّه قد قطّعه وأفسد عليه مذهبه ، فمره أن يبيّن عن صحّة ما ادّعاه على الرجل ، فقال يحيى بن خالد لهشام : إنّ أمير المؤمنين يأمرك أن تكشف عن صحّة ما ادّعيت على هذا الرجل ، قال : فقال هشام رحمهالله : إنّ هؤلاء القوم لم يزالوا معنا على ولاية أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام حتّى كان من أمر الحكمين ماكان ، فأكفروه بالتحكيم وضلّلوه بذلك ، وهم الّذين اضطرّوه إليه ، والآن فقد حكّم هذا الشيخ وهو عماد أصحابه مختاراً غير مضطرّ رجلين مختلفين في مذهبهما : أحدهما يكفّره ، والآخر يعدّله ، فإن كان مصيباً في ذلك فأمير المؤمنين أولى بالصواب ، وإن كان مخطئاً كافراً فقد أراحنا من نفسه بشهادته بالكفر عليها ، والنظر في كفره وإيمانه أولى من النظر في إكفاره عليّاً عليهالسلام قال : فاستحسن ذلك الرشيد وامر بصلته وجائزته (١).
إنّ عداء القوم بالنسبة إلى الإمام أمير المؤمنين كانت ظاهرة في كتب أوائلهم ، هذا هو محمّد بن سعيد الكدمي أحد علماء المذهب الاباضي بعمان ، حتى لُقّب بإمام المذهب في القرن الرابع الهجري يذكر عليّاً في كتابه ويقول :
« إنّ علي بن أبي طالب استخلف على الناس ، ونقض عهد الله وحكم في الدار غير حكم كتاب الله ، وقتل المسلمين وسار بالجور في أهل رعيّته ، فعلى الذي قد صحّت منه سعادة عليّ بن أبي طالب أن يتولّى لله علي بن أبي طالب على سفكه لدماء المسلمين وعلى تحكيمه في الدماء غير حكم كتاب الله ، وسيرته القبيحة ، لا يحلّ له الشك في ولايته ، وعليه أن يبرأ لله من باطله ومن سفك دمه إن قدر على ذلك ، وليس له أن ينكر على المسلمين
__________________
١ ـ الشريف المرتضى : الفصول المختارة ١ / ٢٦.