.................................................................................................
______________________________________________________
لا شريك له ، شهادة أخلصها له وأدّخرها عنده ، وصلى الله على محمّد خاتم النبوّة وخير البرية وعلى آله آل الرحمة (١) وشجرة النعمة ، ومعدن الرّسالة ، ومختلف الملائكة والحمد لله. الذي كان في علمه السابق ، وكتابه الناطق ، وبيانه الصادق ، أنّ أحق الأسباب بالصّلة والأثرة وأولى الأمور بالرغبة فيه ، سبب أوجب سببا (٢) وأمر أعقب غنى ، فقال جلّ وعزّ «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً» (٣) وقال «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ» (٤) ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ، ولا سنة متّبعة ، ولا أثر مستفيض ، لكان فيما جعل الله من برّ القريب (٥) وتقريب البعيد ، وتأليف القلوب ، وتشبيك الحقوق (٦)
__________________
جزاء لنعم العباد ، لعلمه بعجزهم عمّا يستحقه تعالى من ذلك ، كما ورد في بعض الأخبار ، وقال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان ، (ودعواهم فيها) أي دعاء المؤمنين وذكرهم في الجنة أن يقولوا (سبحانك اللهمّ) يقولون ذلك لا على وجه العبادة ، بل يتلذّذون بالتسبيح ، وقيل : إنهم إذا مرّ بهم الطير في الهواء يشتهونه (قالوا سبحانك اللهم) فيأتيهم الطير ويقع مشويا بين أيديهم ، وإذا قضوا منه الشهوة ، قالوا : (الحمد لله ربّ العالمين) فيطير الطير حيا كما كان ، (وآخر دعواهم أن الحمد لله ربّ العالمين) ليس المراد أنّ ذلك يكون آخر كلامهم حتى لا يتكلمون بعده بشيء ، بل المراد أنهم يجعلون هذا آخر كلامهم في كلّ ما ذكروه.
(١) (آل الرّحمة) أى أهل رحمة الله الكاملة الجامعة ومستحقّها ، أوهم رحمة الله والشفقة عليهم.
وقال الفيروزآبادي : رجل يستأثر على أصحابه ، أي يختار لنفسه أشياء حسنة ، والاسم : الأثرة محركة ، والأثرة بالضم والكسر (مرآة العقول : ج ٢٠ ص ٩٦).
(٢) قوله : (أوجب سببا) أي من الألفة والأنساب والمعونات ، وفي بعض النسخ (نسبا) وهو الأظهر ، فيكون إشارة الى الآية الأولى ، كما أنّ ما بعدها إشارة إلى الآية الثانية.
(٣) الفرقان : ٥٦.
(٤) النور : ٣٢.
(٥) قوله (من برّ القريب) أي إذا كانت المواصلة مع الأقرباء.
(٦) قوله (وتشبيك الحقوق) اى تحصل به أنواع الحقوق من الطرفين ، من حق الزوجية ، والوالدية ،