.................................................................................................
______________________________________________________
الجنان ، إذ الترغيب في لذة لم يحركها ذواق ، لا ينتفع ، فلو رغب العنين في لذة الجماع والصبي في لذة الملك والسلطنة لم ينفع الترغيب ، لعدم شعورهما باللّذتين ، فأحد فوائد لذات الدنيا ، الرغبة في دوامها في الجنة ، ليكون باعثا على عبادة الله ، فانظر إلى الحكمة ، ثمَّ إلى الرّحمة ، ثمَّ إلى التعبية الإلهية ، كيف عيّنت تحت شهوة واحدة ، حياتان ، حياة ظاهرة وحياة باطنة ، فالظاهرة حياة المرء ببقاء نسله ، فإنه نوع من دوام الوجود ، والحياة الباطنة هي حياة الآخرة ، فإنّ هذه اللذة الناقصة بسبب الانصرام والتفصي ، تحرّك رغبة في الكاملة ذات الدّوام ، فيستحث على العبادة الموصلة إليها ، فيستفيد العبد بشدة الرغبة فيها بعد المواظبة على ما توصله الى نعيم الجنان ، وما من ذرّة من ذرّات بدن الإنسان ظاهرا وباطنا ، بل من ذرّات ملكوت السماوات والأرضين ، إلّا وتحتها من لطائف الحكمة وعجائبها ما تحار فيه العقول.
المقدمة الخامسة في خطب النكاح :
روي عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال : النكاح بغير خطبة كاليد الجذماء (١).
وعن علي بن الحسين عليهما السّلام : إذا حمد الله فقد خطب (٢).
وروى معاوية بن حكيم قال : خطب الرضا عليه السّلام بهذه الخطبة : «الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه ، وافتتح بالحمد كتابه ، وجعل الحمد أول جزاء محل نعمته (٣) وأخر دعوى أهل جنّته ، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده
__________________
(١) دعائم الإسلام : ج ٢ فصل ٣ ذكر اختطاب النساء ، ص ٢٠٣ ذيل حديث ٧٤٣.
(٢) الكافي : ج ٥ باب التزويج بغير خطبة ص ٣٦٨ ذيل حديث ٢.
(٣) قوله (محلّ نعمته) الظاهر أن يكون مصدرا ميميا بمعنى النزول ، أى جعله أول جزاء من العباد لنعمه ، ثمَّ بعد ذلك ما أمرهم به من الطاعات ، ويحتمل أن يكون المراد به أنّ ما حمد به تعالى نفسه جعله