العامل
قال ابن الحاجب :
«والعامل ما به يتقوّم المعنى المقتضى».
قال الرضى :
إنما بيّن العامل ، لاحتياج قوله قبل (١) : ويختلف آخره لاختلاف العامل ؛ إلى بيانه ، ويعني بالتقوم نحوا من (٢) قيام العرض بالجوهر ؛ فإن معنى الفاعلية والمفعولية والإضافة : كون الكلمة عمدة أو فضلة أو مضافا إليها ، وهي كالأعراض القائمة بالعمدة والفضلة والمضاف إليه ، بسبب توسط العامل.
فالموجد كما ذكرنا لهذه المعاني هو المتكلم ، والآلة : العامل ، ومحلها : الاسم ، وكذا الموجد لعلامات هذه المعاني هو المتكلم ، لكن النحاة جعلوا الآلة كأنها هي الموجدة للمعاني ولعلاماتها ، كما تقدم ، فلهذا سميت الآلات عوامل.
فالباء في قوله «به يتقوم» للاستعانة ، نظرا إلى أن المسمى عاملا في الحقيقة : آلة ، والمقوّم هو المتكلم ، وليس الباء كما في قولك قام هذا العرض بهذا المحل ، ولا شك أن في لفظ المصنف ايهاما ، لأن الظاهر في نحو : قام به ، وتقوّم به : هذا المعنى الأخير.
فإذا ثبت أن العامل في الاسم : ما يحصل بوساطته في ذلك الاسم المعنى المقتضى للاعراب ، وذلك المعنى كون الاسم عمدة أو فضلة أو مضافا إليه العمدة أو الفضلة ، فاعلم أن بينهم خلافا في أن العامل في المضاف إليه هو اللام المقدرة أو «من» ؛ أو المضاف ، فمن قال إنه الحرف المقدر نظر إلى أنّ معناه في الأصل هو الموقع المقدم للإضافة بين الفعل والمضاف إليه ، إذ أصل غلام زيد : غلام حصل لزيد ، فمعنى الإضافة قائم بالمضاف إليه لأجل الحرف ، ولا ينكر ههنا عمل حرف الجر مقدرا ، وإن ضعف مثله في نحو «خير» ،
__________________
(١) في البحث السابق على هذا.
(٢) أي معنى قريبا من معنى قيام العرض بالجوهر.