«لام ألف» ، وأما قوله :
٧ ـ تكتّبان في الطريق لام الف (١)
فمقصوده : اللام والهمزة (٢) ، لا صورة «لا».
ولو نظر الواضع في الصنفين إلى وقوعهما مركبين ، لكانا معربين في نظره ، فلم يجز أن يصوغهما على أقل من ثلاثة أحرف ، لأنك لا تجد معربا على أقل من ثلاثة أحرف إلا وقد حذف منه شيء ، كيد ، ودم وقد صاغ كثيرا منهما (٣) على حرفين ، كنخ ، وجه ، وبا ، وتا ، وثا ، وإنما صاغ على أقل من ثلاثة ما كان يعرف أنه يكون في التركيب مشابها للحرف ، كما ، ومن ، وتاء الضمير ، وكافه ، فعلم أنه يبنى لثبوت علته فجوز بناءه على أقل من ثلاثة.
ثم نقول : لا يلزم الكسائي والفراء ما ألزما في ترافع المبتدأ والخبر ، من أنه يجب تقدم كل واحد من المبتدأ والخبر على الآخر لأنه يجب تقديم العامل على المعمول ، فيلزم تقدم الشيء على نفسه ، لأن المتقدم على المتقدم على الشيء متقدم على ذلك الشيء.
وإنما لم يلزمهما ذلك ، لأن العامل النحوي ليس مؤثرا في الحقيقة ، حتى يلزم تقدمه على أثره ، بل هو علامة كما مر ؛ ولو أوجبنا أيضا تقدمه لكونه كالسبب كما مرّ ، قلنا : إن كل واحد من المبتدأ والخبر متقدم على صاحبه من وجه ، متأخر عنه من وجه آخر ، فإذا اختلفت الجهتان ، فلا دور : أما تقدم المبتدأ فلأن حق المنسوب أن يكون تابعا للمنسوب إليه وفرعا له ، وأما تقدم الخبر فلأنه محط الفائدة وهو المقصود من الجملة ،
__________________
(١) هذا أحد أشطار ثلاثة لأبي النجم العجلي. وقبله :
أقبلت من عند زياد كالخرف |
|
تخط رجلاي بخط مختلف ... |
وزياد : صديق لأبي النجم كان يسقيه الخمر.
(٢) فكأنه قال لاما وألفا ، وقيل انه قصد صورة «لا» وقيل أراد حروف المعجم وذكر منها اللام والألف على سبيل المثال.
(٣) أي من النوعين اللذين تحدث عنهما ، وهما أسماء الأصوات وحروف المعجم.