في قول رؤبة (١) ؛ وذلك لقوة الدال عليه بالمضاف الذي هو مختص بالمضاف إليه أو متبيّن به ، كما أنّ نصب «أن» المقدرة في نحو :
١٠ ـ ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي (٢) |
ضعيف ، فإذا وقع موقعها فاء السببية ، أو واو الجمع ، كما يجيء في نواصب المضارع ، جاز نصبها (٣) مطردا ، وكذا الجر بربّ المقدرة بعد الواو والفاء وبل ، ليس بضعيف.
ومن قال إن عامل الجر هو المضاف ، وهو الأولى ، قال : إن حرف الجر شريعة منسوخة ، والمضاف مفيد معناه ؛ ولو كان مقدرا لكان «غلام زيد» نكرة ، كغلام لزيد ؛ فمعنى كون الثاني مضافا إليه حاصل له بواسطة الأول ، فهو الجارّ بنفسه.
وقال بعضهم : العامل معنى الإضافة ؛ وليس بشيء ، لأنه إن أراد بالإضافة كون الاسم مضافا إليه ، فهذا هو المعنى المقتضى ، والعامل : ما به يتقوم المعنى المقتضى ، وان أراد بها النسبة التي بين المضاف والمضاف إليه ، فينبغي أن يكون العامل في الفاعل والمفعول ، أيضا ، النسبة التي بينها وبين الفعل ، كما قال «خلف» (٤) : العامل في الفاعل هو الاسناد ، لا الفعل.
__________________
(١) أي رؤبة بن العجاج وقد قيل له : كيف أصبحت. فقال : خير ، أي بخير ، أو على خير.
(٢) أورد الرضى من هذا الشاهد قوله : أحضر الوغى ، فقط ، وهو موضع الاستشهاد على عمل أن. النصب وهي محذوفة وليس قبلها شيء من الأمور التي تأتي في النواصب. والبيت من معلقة طرفة بن العبد. يقول فيها بعد هذا البيت :
فان كنت لا تستطيع دفع منيتي |
|
فدعني أبادرها بما ملكت يدي |
(٣) أي جاز عملها النصب مقدرة.
(٤) هو خلف بن يوسف الأندلسي الشنتريني من أشهر نحاة المغرب روي أنه كان يحفظ كتاب سيبويه والمقتضب للمبرد وغيرهما ، توفي بقرطبة سنة ٥٣٢ ه.