أحدهما : أن يكون في كلمة معنيان أو أكثر غير طاريء أحدهما على الآخر ، كمعاني الكلم المشتركة ، نحو : «القرء» في الطهر ، والحيض ؛ و «ضرب» في التأثير المعروف ، والسّير ، وكذا جميع الأفعال المضارعة عند من قال باشتراكها ، و «من» للابتداء والتبيين والتبعيض ، فمثل هذا لا يلزمه العلامة المميزة لأحد المعنيين ، أو المعاني عن الآخر ، لأن جاعله لأحد المعنيين ، واضعا كان ، أو مستعملا ، لم يراع فيه المعنى الآخر ، حتى يخاف اللبس ، فيضع العلامة لأحدهما.
والثاني : أن يكون في الكلمة معنيان أو أكثر يطرأ أحدهما أو أحدها على الآخر أو الأخر ، فلا بدّ للطارئ ان لم يلزم ، من علامة مميزة له من المطروء عليه ومن ثم احتاج كل مجاز إلى قرينة ، دون الحقيقة ، وهذا الطارئ غير اللازم للكلمة لا يلزم أن يطلب له أخف العلامات ، بل قد تغيّر له صيغة الكلمة ، كما في التصغير والجمع المكسر والفعل المسند إلى المفعول ؛ كرجيل ، ورجال ، وضرب ؛ وقد يجتلب له حرف دال عليه صائر كأحد حروف تلك الكلمة ، كما في المثنى والجمع السالم والمنسوب والمؤنث والمعرّف ، نحو : مسلمان ، ومسلمون ، ومسلمات ، وزيديّ ، ومسلمة ، والمسلم.
وقد تكون قرينة المعنى الطارئ على الكلمة كلمة أخرى مستقلة كالوصف الدال على معنى في موصوفه ، والمضاف إليه الدال على معنى في المضاف.
وإن كان طرءان (١) المعنى لازما للكلمة ، فإن كان الطارئ معنى واحدا لا غير (٢) ، ككون الفعل عمدة فيما تركب منه ومن غيره ، فلا حاجة إلى العلامة ، لأنها تطلب للملتبس بغيره.
وإن كان الطارئ اللازم أحد الشيئين أو الأشياء ، فاللائق بالحكمة أن يطلب له أخف
__________________
(١) استعمل الرضى هذا اللفظ مصدرا لطرأ ، وهو مصدر نادر ، ولم أجده في القاموس ولا في الصحاح ولا في اللسان. والرضى يستعمله كثيرا في هذا الكتاب.
(٢) شرح الرضى في باب الاستثناء هذا الاستعمال «لا غير» شرحا وافيا.