أنت وقصعة من ثريد ، أي كيف تكون ؛ ويقال هذا أيضا فيمن ذكر عظيما بسوء ، أي من أنت تذكر زيدا ، ويروي زيد بالرفع ، أي : كلامك زيد ، نحو كلمته فوه إلى فيّ ، والنصب أقوى وأشهر.
ومنها قولهم : عذيرك من فلان ، والعذير : إما بمعنى العاذر كالسميع أو المعذر ، كالأليم بمعنى المؤلم ، وأعذر وعذر بمعنى ، ويجوز أن يكون العذير بمعنى العذر ، إلا أن الفعيل في مصدر غير الأصوات قليل ، كالنكير ، وأما في الأصوات كالصهيل والنئيم فكثير ، والعذير أيضا ، الحال يحاولها المرء يعذر عليها ، قال :
٩٩ ـ جاري لا تستنكري عذيري |
|
سيرى وإشفاقي على بعيري (١) |
بيّن بقوله : سيرى وإشفاقي ، الحال التي ينبغي أن يعذر فيها ولا يلام عليها ، يقال هذا إذا أساء شخص الصنيع إلى المخاطب ، أي أحضر عاذرك أو عذرك أو الحال التي تعذر فيها ولا تلام ، وهي فعل المكروه إلى ذلك الشخص ، أي لك العذر فيما تجازيه لسوء صنيعه إليك.
ومن في «من فلان» أي من أجل الإساءة إليه وإيذائه ، أي أنت ذو عذر فيما تعامله به من المكروه.
ومنه ما يروى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لأبي بكر : أعذرني من عائشة» (٢) أي من جهة تأديبها وتعريكها ؛ وفي الخبر : «لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم» أي يقيموا العذر بسبب كثرة ذنوبهم ، لمعذبهم ومهلكهم ، فمعنى من أنفسهم أي من جهة أنفسهم وإهلاكها.
ويقال : من يعذرني من فلان أي من أجل إيذائي إياه ، أي : لي عذر في إيذائه فهل ههنا من يعذرني.
__________________
(١) هو أول رجز للعجاج وبعده : وكثرة الحديث عن شقوري. ووجه الاستشهاد به وضحه الشارح.
(٢) قال ابن الأثير في (النهاية) في غريب الحديث والأثر : مادة «عذر» ما خلاصته : واستعذر النبي صلّى الله عليه وسلم إلى أبي بكر من عائشة. كان قد عتب عليها في شيء فقال لأبي بكر : كن عذيري من عائشة ان أدبتها. أو اعذرني منها .. ومثله في لسان العرب.