وقوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ)(١) ، وان قدرنا المضاف في مثله في المبتدأ ، أي لكنّ ذا البر من آمن ، وحالها إقبال ، أو في الخبر نحو : برّ من آمن ، وذات إقبال.
أو جعلنا المصدر بمعنى الصفة ، نحو : ولكنّ البارّ ، وهي مقبلة ، جاز ، لكنه يخلو من معنى المبالغة.
والثاني أي الذي لا يغاير المبتدأ لفظا ، يذكر للدلالة على الشهرة ، أو عدم التغيّر ، كقوله :
٧٠ ـ أنا أبو النجم وشعري شعري (٢).
أي : هو المشهور المعروف بنفسه لا بشيء آخر ، كما يقال مثلا : شعري مليح ، وتقول : أنا أنا ، أي ما تغيرت عما كنت ، قال :
٧١ ـ رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع |
|
فقلت وأنكرت الوجوه هم هم (٣) |
وأما الجامد فإن كان مؤولا بالمشتق نحو قولك : هذا القاع عرفج كله أي غليظ ، تحمل الضمير ، فكله ههنا تأكيد للضمير ؛ ويجوز أن يكون مبتدأ مؤخرا عن الخبر.
وإن لم يكن مؤولا به ، لم يتحمله خلافا للكسائي ، فكأنه نظر إلى أن معنى : زيد أخوك ، متصف بالأخوة ، وهذا زيد ، أي متصف بالزيدية أو محكوم عليه بكذا ،
__________________
(١) الآية ١٧٧ من سورة البقرة.
(٢) من أرجوزه لأبي النجم العجلي وبعده :
لله درّي ما أجنّ صدري |
|
من كلمات باقيات الحرّ |
تنام عيني وفؤادي يسري |
|
مع العفاريت بأرض قفر |
(٣) لأبي خراش الهذلي من قصيدة يذكر فيها تفلّته من أعداء له كانوا يترصدونه ، ومعنى رقوني : سكنوني أي فعلوا ما يطمئنني ويجعلني أسكن إليهم ولكني عرفت خدعتهم. لأنهم هم أعدائي الذين يقصدون قتلي!