واعلم أن «اليوم» إذا وقع خبرا عن لفظي الجمعة والسبت جاز نصبه على ضعفه ، لكونهما في الأصل مصدرين ، فمعنى : اليوم الجمعة أو السبت : أي الاجتماع ، أو السكون ، والأولى رفعه لغلبة الجمعة والسبت في معنى اليومين.
ولا يجوز نصب «اليوم» خبرا عن الأحد ، والإثنين ، إذ هما بمعنى اليومين ، واليوم لا يكون في اليوم ، وأجازه الفراء ، وهشام (١) ، وذلك لتأويلهما اليوم بالآن ، كما يقال : أنا اليوم ، أفعل كذا ، أي الآن.
فمعنى : اليوم الأحد ، أي الآن الأحد ، والآن أعمّ من الأحد فيصح أن يكون ظرفه.
هذا ، ولنذكر طرفا مما يتعلق بخبر المبتدأ ، إذا كان مفردا. فنقول : هو إما مشتق أو جامد ، وكلاهما إما أن يغاير المبتدأ لفظا ، أو ، لا.
والأول : إما أن يتحد به معنى ، نحو : زيد أخوك ، وزيد قائم ، أو يغايره معنى أيضا ، والمغاير ، يقع خبرا عنه إمّا لمساواته في معنى كقوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ)(٢) ، أو لحذف المضاف من المبتدأ ، أو الخبر نحو : داري منك فرسخان ، أي بعد داري فرسخان ، أو داري منك ذات مسافة فرسخين ، أو لكون واحد من المبتدأ والخبر معنى والآخر عينا. ولزوم ذلك المعنى لتلك العين حتى صار كأنه هي ، كقول الخنساء :
٦٩ ـ ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت |
|
فإنما هي إقبال وإدبار (٣) |
__________________
(١) المراد به هشام بن معاوية ويقال له هشام الضرير وهو من متقدمي الكوفيين وتقدم ذكره في هذا الجزء ص ٦٣. أما الفراء فقد تكرر ذكره كثيرا
(٢) الآية ٦ من سورة الأحزاب وتقدمت قبل ذلك.
(٣) من قصيدة لها في رثاء أخيها صخر ، أولها :
قذى بعينك أم بالعين عوار |
|
أم أقفرت إذ خلت من أهلها الدار |
وبيت الشاهد في وصف ناقة شبهت بها نفسها. فان قبله
فما عجول على بوّ تطيف به |
|
قد ساعدتها على التحنان أظآر |
وبعده :
لا تسمن الدهر في أرض وإن رتعت |
|
وإنما هي تحنان وتسجار |
يوما بأوجد مني حين فارقني |
|
صخر وللدهر إحلاء وامرار |