وذهب ابن جني ، إلى أن قياس «أخر» لما تجرد من اللام والإضافة أن
يستعمل بمن ، ويفرد لفظه في جميع الأحوال ، فأخر ، في قولك بنسوة أخر ، معدول عن :
آخر من ..
ويلزم على هذا
القول أن يكون : آخران ، وآخرون ، وأواخر ، وأخرى وأخريات ، معدولات ، أيضا ، عن :
آخر من .. الا أن أخرى وأواخر غنيان عن اعتبار العدل بألف التأنيث والجمعية ؛
والمثنى والمجموع بالواو والنون لا يتبيّن فيهما حكم منع الصرف في موضع ، نحو :
أحمران وأجمعون كما مرّ ، وأما أخريات فاستعمالها باللام والإضافة كما هو الأصل ،
ولو لم يكن أيضا لم يبن فيه أثر منع الصرف لكونه كعرفات.
هذا ، وفي
ادعاء كون ألفاظ المؤنث والمثنيين والمجموعين ، معدولة عن لفظ الواحد المذكر : بعد
، فالأولى ألّا يدّعى كون أخر وتصاريفه معدولة عن أحد لوازم أفعل التفضيل على
التعيين ، بل نقول هي معدولة عما كان حقها ولازمها في الأصل ، أعني أحد الأشياء
الثلاثة مطلقا.
وانما عدل عنه
لتعريه عن معنى أفعل التفضيل الذي هو المستلزم لأحدها كما يجيء في باب أفعل
التفضيل ، وذلك لأنه صار بمعنى «غير» كما ذكرنا ، فعلى هذا لا يفسّر العدل بما
فسره به المصنف ، أعني خروجه عن صيغته الأصلية ، بل نقول العدل اخراج اللفظ ، كما
ذكرنا ، عما الأصل أن يكون معه من الصيغة ، أو استلزام كلمة أخرى ، فيدخل فيه
سحر وأمس ، ونحو : ضحى ، وعشية ، ومساء ، وبكر ، معيّنات ، لأن الأصل في تخصيص
اللفظ المطلق بشيء معيّن مما كان يقع عليه وضعا أن يكون باللام والإضافة.
ويدخل فيه
الغايات أيضا نحو قبل وبعد ، لقطعهما عن المضاف إليه الذي كان يقتضيه
__________________