معي إلى خراسان ، فكتب له حبيب : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما اشترى حبيب من ربّه قصرا في الجنة طوله كذا وكذا وارتفاعه كذا وكذا في الجنة ثم ختم الكتاب ودفعه إليه فأخذه الرّجل فذهب به إلى خراسان إلى أهله ، فقالوا له : أنت مجنون لو لا أنّك ضيّعت مالك لذهب بك إلى الدار ولكن هذا إنسان مجهول فبقي الرّجل ما شاء الله ثم مات ، فقال لهم : ضعوا هذه العهدة في أكفاني فوضعوها فحملوه إلى القبر فأصبح حبيب بالبصرة وإذا الكتاب عنده في بيته فقيل له في الكتاب : يا أبا محمّد إن الله قد سلّم إليه القصر الذي اشتريته له. فعمد حبيب إلى القوم فقال : إنّ الله تعالى قد سلّم إلى أبيكم القصر وهذه العهدة فبصروا فإذا هو الكتاب الذي وضعوه معه في القبر.
أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه ، أنبأنا أبو نعيم الأصبهاني (١) ، نبأنا أبو أحمد محمّد بن أحمد الجرجاني ، نبأنا أبو محمّد الحسن بن سفيان ، نبأنا غالب بن وزير الغزي ، نبأنا ضمرة ، نبأنا السّري بن يحيى ، قال : قدم رجل من أهل خراسان وقد باع ما كان له بها وهمّ بسكنى البصرة ومعه عشرة آلاف درهم ، فلما قدم البصرة وهمّ بالخروج إلى مكة هو وامرأته سأل لمن تودع العشرة آلاف درهم؟ فقيل لحبيب أبي محمّد فأتاه فقال له : إني خارج وامرأتي وهذه العشرة آلاف درهم أردت أن أشتري بها منزلا بالبصرة فإن وجدت منزلا ويخف عليك أن تشتري لنا بها فعلت. فسار الرجل إلى مكة فأصاب الناس بالبصرة مجاعة فشاور حبيب أصحابه أن يشتري بالعشرة آلاف دقيقا ويتصدق به فقالوا : إنما وضعها لتشتري بها منزلا فقال : أتصدّق بها واشتري له بها من ربي عزوجل منزلا في الجنة ، فإن رضي وإلّا دفعت إليه دراهمه. قال : فاشترى دقيقا وخبزه وتصدّق به ، فلما قدم الخراساني من مكة فقال : يا أبا محمّد أنا صاحب العشرة ألف درهما فما أدري اشتريت لنا بها منزلا أو تردها عليّ فأشتري أنا بها؟ فقال : لقد اشتريت لك منزلا فيه قصر قصور (٢) وأشجار وثمار وأنهار ، فانصرف الخراساني إلى امرأته ، فقال : إني أرى أنه قد اشترى لنا حبيب أبو محمّد منزلا إني أراه كان لبعض الملوك قد عظم أمره وما فيه. قال : ثم أقمت يومين أو ثلاثة فأتيت حبيبا فقلت : يا أبا محمّد المنزل ، فقال : قد اشتريت لك من ربي عزوجل منزلا في الجنة بقصوره وأنهاره ووصفائه. فانصرف
__________________
(١) الخبر في حلية الأولياء ٦ / ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) كذا بالأصل ، وفي الحلية : فيه قصور.