سهل بن الفضل الكاتب ، نا أبو زيد ـ يعني عمر بن شبة ـ حدّثني هارون بن عبد الله الزّهري ، وهو أبو يحيى هارون بن عبد الله بن محمد بن كثير من ولد عبد الرّحمن بن عوف الزهري ، نا يوسف بن عبد العزيز بن الماجشون ، عن أبيه قال : قال حسان بن ثابت : أتيت جبلة بن الأيهم الغساني وقد مدحته ، وكان حسّان قد اشتكى فقال له : ما تشتهي يا أبا الوليد؟ قال : ما لا تقدرون عليه ، قال : نتكلفه لك ، قال رطبات مختلفات (١) من بنات ابن طاب ، فقال : هذا ما لا يقدر عليه أحد ببلادنا هذه ، وقال له : يا أبا الوليد إنّ الخمر قد شغفتني فاذممها لعليّ أرفضها (٢). فقال (٣) :
لو لا ثلاث هن في الكأس لم يكن |
|
لها ثمن من شارب حين يشرب |
لها نزق مثل الجنون ومصرع |
|
دنيء وإن العقل ينأى ويعزب |
فقال : أفسدتها فحسّنها ، فذكر مثل البيتين المتقدمين سواء. فقال : لا جرم لا أدعها أبدا.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو علي بن المسلمة ، أنا أبو الحسن بن الحمّامي ، أنا أبو علي بن الصوّاف ، أنا أبو محمد الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا أبو حذيفة إسحاق بن بشر البخاري ، قال : قال حسّان بن ثابت في يوم اليرموك (٤) :
لمن الدار أقفرت بمعان |
|
بين أعلى اليرموك فالحفان (٥) |
والقريّات من بلاس (٦) فداريّا |
|
فسكان (٧) القصور الدّواني |
__________________
(١) في الجليس الصالح : «محلقمان» والمحلقم من البلح ما بلغ الإرطاب ثلثيه. وابن طاب نخلة بالمدينة ، وقيل : ضرب من الرطب.
(٢) بالأصل : «أن قصهما» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٣) الأبيات ليست في ديوانه ، وهي في الجليس الصالح.
(٤) الأبيات في ديوانه ط بيروت ص ٢٥٣ والأغاني ١٥ / ١٦٦ وبعضها في ص ١٥٤.
(٥) الديوان : «فالخمان» وفي الأغاني : «فالصمان».
معان : مدينة في طرف بادية الشام تلقاء الحجاز من نواحي البلقاء. والخمان : من نواحي البثنية من أرض الشام.
(٦) بلاس : بلد بينه وبين دمشق عشرة أميال.
(٧) في الديوان والأغاني : «فسكاء» وهي قرية من قرى دمشق في الغوطة.