أهوى حديث النّدمان في (١) |
|
وضح الفجر وصوت المسامر الغرد |
فلا أخدش الخدش بالنديم ولا |
|
يخشى نديمي (٢) إذا انتشيت يدي |
بأبى لي السّيف والسّنان [وقوم](٣) |
|
لم يضاموا كلبدة الأسد |
|
فطرب حسّان وبكى وقال : لقد أراني هناك سميعا بصيرا ، وعيناه تنضحان على خديه ، وهو مصغ لها. وجعل عبد الرّحمن يشير إليها ويقول : أعيدي وأسمعي الشيخ ، قال خارجة : فيعجبني لعمرو الله ما يعجب عبد الرّحمن من بكاء أبيه.
أخبرنا أبو العز بن كادش ، أنا أبو يعلى بن الفراء ، أنا أبو الهيثم إسماعيل بن محمد بن سويد المعدّل ، أنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي ، نا غسل بن ذكران ، أنا الثوري عن الأصمعي ، عن ابن أبي طرفة ، قال : جلس حسّان بن ثابت يوما ومعه ابنته ليلى فجعل يريد شعرا يقوله فقال : متاريك أذناب الأمور إذا اعترت تركنا الفروع واجتثتها أصولها (٤) ثم جعل يريد الزيادة فلا يقدر فقالت له ابنته كأنك قد اجبلت قال : نعم ، قالت : أفأجيز؟ عنك قال : نعم ، فقالت :
مقاويل بالمعروف خرس عن الخنا |
|
كرام يعاطون العشيرة سؤلها |
فجثى حسّان فقال :
وقافية مثل السّنان رزينة |
|
تناولت (٥) من جوّ السّماء نزولها |
فقالت :
يراها الذي لا ينطق الشعر عنده |
|
ويعجز عن أمثالها أن يقولها |
فقال : لا والله لا قلت بيت شعر ما دمت حية ، قالت : أوأؤمنك قال : فذاك ، قالت : فأنت آمن أن أقول بيت شعر ما بقيت.
__________________
(١) الديوان : في فلق الصبح.
(٢) الديوان : جليسي.
(٣) الزيادة لاستقامة الوزن عن الديوان ، وفيه أيضا : اللسان بدل السنان.
(٤) البيت في ديوانه ص ١٩٦ برواية :
متاريك أذناب الحقوق إذا التوت |
|
أخذنا الفروع واجتنبنا أصولها |
(٥) ديوانه : وقافية عجت بليل رزينة تلقيت.