أخبرني أبو الحسين محمّد بن كامل المقدسي ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن المسلمة في كتابه ، أنبأنا أبو عبد الله محمّد بن عمران بن موسى ـ إجازة ـ أخبرني محمّد بن يحيى ، حدثني محمّد بن موسى بن حماد قال (١) : كنت عند دعبل بن علي بعد قدومه من الشام ، فذكرنا أبا تمام ، فجعل يثلبه ويزعم انه كان يسرق الشعر ، ثم قال لغلامه : ثقيف (٢) هات تلك المخلاة ، فجاء بمخلاة فيها دفاتر ، فجعل يمرها على يده حتى أخرج منها دفترا فقال : اقرءوا هذا ، فنظرنا فإذا في الدفتر قال مكنف (٣) أبو سلمى من ولد زهير بن أبي سلمى ، وكان رثى (٤) ذفافة بقوله :
أبعد أبا العباس يستعتب (٥) الدهر |
|
وما بعده للدهر عتبي ولا عذر |
ولو عوتب المقدار والدهر بعده |
|
لما اغننا ما أورت السلم النصر |
ألا أيها الناعي ذفافة ذا الندى |
|
تعست وشلّت من أنا ملك العشر |
أتنعي فتى من قيس عيلان صخرة |
|
تفلق عنها من جبال العدى الصخر |
إذ ما أبو العباس خلا مكانه |
|
فلا حملت أنثى ولا مسّها (٦) طهر |
ولا أمطرت سماء أرضا ولا مرّت |
|
نجوم ولا لذّت لشاربها الخمر |
كان (٧) لبنوا القعقاع يوم وفاته |
|
وأصبح في شغل عن السفر السفر |
كان بني القعقاع يوم وفاته |
|
نجوم سماء خرّت من بينها البدر |
توفيت الآمال بعد ذفافة |
|
وأصبح في شغل عن السفر السفر |
ثم قال : سرق أبو تمام أكثر هذه القصيدة ، فأدخلها في شعره (٨) ، قال محمّد بن موسى : فحدثت الحسين (٩) بن وهب بذلك فقال لي : أمنا قصيدة مكنف هذه فأنا
__________________
(١) الخبر في الأغاني ١٦ / ٣٩٦.
(٢) إعجامها غير واضح بالأصل والمثبت عن الأغاني.
(٣) إعجامها غير واضح بالأصل والمثبت عن الأغاني.
(٤) رسمها غير مقروء بالأصل والمثبت عن الأغاني.
(٥) الأغاني : يستعذب.
(٦) الأغاني : نالها.
(٧) صدره في الأغاني : كأن بنو القعقاع يوم مصابه.
(٨) يريد قصيدته التي يرثي محمد بن حميد الطوسي ومطلعها :
كذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر |
|
فليس لعين لم يفض ماؤها عذر |
(٩) في الأغاني ١٦ / ٣٩٧ الحسن.