بخبرهم ولا تحدثن حدثا حتى ترجع» ثم قال : «اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته» قال : فلأن تكون أو مثلها كان أحبّ إلي من الدنيا وما فيها ، قال فانطلقت فأخذت أمشي نحوهم كأني أمشي في حمّام ، قال : فوجدتهم قد أرسل الله تعالى عليهم ريحا فقطعت أطنابهم وأبنيتهم وذهبت بخيولهم ، ولم تدع لهم شيئا إلّا أهلكته ، قال : وأبو سفيان قاعد يصطلي عند نار له ، قال فنظرت إليه فأخذت سهما فوضعته في كبد قوسي (١) قال : وكان حذيفة راميا فذكرت قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم «لا تحدثن حدثا حتى ترجع» قال : فرددت سهمي في كنانتي قال : فقال لي رجل من القوم : ألا إن فيكم عين القوم ، قال : أخذ كلّ بيد جليسه وأخذت بيد جليس ، قال : فقلت : من أنت؟ قال : سبحان الله أما تعرفني أنا فلان بن فلان ، فإذا رجل من هوازن فرجعت إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبرته الخبر ، وكأني أمشي في حمّام قال : فلما أخبرته ضحك حتى بدا أنيابه في سواد الليل وذهب عني الدفء قال : فأدناني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنامني عند رجليه وألقى عليّ طرف ثوبه ، فكنت لألزق بطني وصدري ببطن قدمه فلما أصبحوا هزم الله تعالى الأحزاب ، وهو قوله : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها)(٢) [٢٩٥١].
أخبرنا أبو عبد الله الخلّال ، أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمود ، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ ، أنبأنا أبو العبّاس بن قتيبة ، نبأنا حرملة ، نبأنا ابن أبي وهب ، أنبأنا سعيد بن عبد الرّحمن الجمحي ، حدثني رجل من الأنصار ثم من بني سلمة ، عن أبيه ، عن جده أبي جهاد ـ وكان أبو جهاد من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ـ أن ابنه قال : أيا أبتاه رأيتم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وصحبتموه ، والله لو رأيته لفعلت وفعلت وفعلت فقال : يا بني اتّق الله وسدّد ، فو الذي نفسي بيده لو رأيتنا معه يوم الخندق وهو يقول : «من يذهب فيأتيني بخبرهم جعله الله رفيقي يوم القيامة». فما قام من الناس أحد ، ثم قالها الثانية فما قام من النّاس أحد ، ثم قالها الثالثة فما قام من الناس أحد ، ثم (٣) خائفا من الجوع والقرّ قال : ثم نادى «يا حذيفة» باسمه فقال : يا رسول الله ، والذي نفسي بيده ما منعني أن أقوم إلّا خشية أن لا آتيك بخبرهم فقال : «اذهب» ودعا له رسول الله صلىاللهعليهوسلم [٢٩٥٢].
__________________
(١) كبد القوس أي مقبضها ، وكبد كل شيء وسطه.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية : ٩.
(٣) كلمة غير مقروءة تركنا مكانها بياضا.