العبّاس بن هاشم (١) ، عن أبيه ، عن عوانة ، قال : خطب (٢) الحجّاج الناس بالكوفة فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال : يا أهل العراق تزعمون أنّا من بقية ثمود ، وتزعمون أني ساحر ، وتزعمون أن الله عزوجل علّمني اسما من أسمائه أقهركم [به](٣) وأنتم أولياؤه بزعمكم وأنا عدوه ، فبيني وبينكم كتاب الله تعالى ، قال عزوجل : (فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ)(٤) فنحن بقية الصّالحين إن كنا من ثمود ، وقال عزوجل : (إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى)(٥) والله أعدل في حكمه (٦) من أن يعلّم عدوا من أعدائه اسما من أسمائه يهزم به أولياءه [ثم حمي من كثرة كلامه](٧) ، ثم تحامل على رمانة المنبر فحطمها ، فجعل الناس يتلاحظون بينهم وهو ينظر إليهم ، فقال : يا أعداء الله ما هذا [الترامز ، أنا حديّا](٨) الظبي السّانح ، والغراب الأبقع ، والكوكب ذي الذنب. ثم أمر بذلك العود فأصلح قبل أن ينزل من المنبر.
قال المعافى : قول الحجّاج : أنا حديّا (٩) الظبي [فإنه أراد : إنا لثقتنا بالغلبة والاستعلاء نتحدى](١٠) ارتفاع الظبي سانحا وهو أحمد ما يكون في سرعته ومضائه ، والغراب الأبقع في تحدّره وذكائه ومكره وخبثه ودهائه [وذا الذنب من الكواكب فيما ينذر من عواقب مكروهه وبلائه ، فقال الحجّاج هذا مختالا في غلوائه ، ومرهبا لمن بين ظهرانيه من أعدائه ، والله ذو البأس الشديد ، بالمرصاد له ولحزبه ولأوليائه](١١).
قرأت على أبي عبد الله يحيى بن البنّا ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، عن أبي
__________________
(١) في الجليس الصالح وابن العديم : هشام.
(٢) بالأصل «الخطيب» خطأ ، والمثبت عن الجليس الصالح.
(٣) الزيادة عن الجليس الصالح.
(٤) سورة هود ، الآية : ٦٦.
(٥) سورة طه ، الآية : ٦٩.
(٦) كذا بالأصل والجليس الصالح وفي بغية الطلب : خلقه.
(٧) الزيادة بين معكوفتين عن الجليس الصالح ، وفي بغية الطلب : ثم حمي وكثر كلامه.
(٨) مكان العبارة المستدركة بين معكوفتين بياض بالأصل ، والمستدرك عن الجليس الصالح.
(٩) بالأصل «كذبا» والمثبت عن الجليس الصالح.
(١٠) العبارة المستدركة مكانها بياض بالأصل ، وقد استدركت عن بغية الطلب ٥ / ٢٠٧٣ وزيد في الجليس الصالح بعد «الاستعلاء» «والإحاطة والاستيلاء».
(١١) مكان العبارة المستدركة بين معكوفتين بياض بالأصل ، وقد كتب فقط عبارة : «هكذا في الأصل» وما استدرك زيادة عن الجليس الصالح ٤ / ٤٩ وبعض العبارة موجود في ابن العديم ٥ / ٢٠٧٣.