ثقبها فوضعها عليه فجعل يقول : أحد ، فبعث أبو بكر رجلا كان صديقا له ، قال : اذهب فاشتر (١) لي هذا ، فاشترى بلالا قال : عليك قال : نعم ثم اعتقه قال : عليك قال : نعم قال : فأتاه وبلال على تلك الحال ، وأبو بكر قائم في الظل قد بلغته الشمس أو كادت تبلغه ينظر ما صنع صاحبه الذي بعثه ، فقال له الرجل : هل شعرت ما يتحدث به قريش؟ قال : ما يتحدثون به؟ قال : يقولون لو كان له ما قتله ولكنه يقتله لأنه (٢) ليتاماه ، قال : فما تقول أنت؟ قال : ما أنا إلّا من الناس قال : إني لا أراه لو كان لك ما فعلت هذا قال : أجل ، قال : لو كان لك إذا لأعتقته ، قال : ما كنت أبالي لو كان لي ما أعتقه قال : فهل لك أن تشتريه وأن تعتقه؟ قال : نعم ، قال : فتقاولا وكان أبو جهل يريد أن يغرمه ، فاشتراه فأعتقه فحلّ من الوثاق وجلده أخضر ، فأطلق ، قال : وأتى الرجل أبا بكر وهو في مقامه ذلك ينظر ما صنع صاحبه ، فدفع أبو بكر إليه ثمنه.
وكانت أم سعد جعلت عليها أن لا تأكل طعاما ولا شرابا ما كان سعد على رأيه قال : فأخذه إخوته فجعلوه في الشمس ، فجعلت مغشى عليها ، قال : ويقول له اخوته : يا سعد أمك يغشى عليها [قال] فلتصبر فإني في الشمس وهي في الظل ، ثم إنه غشي عليها فنبزوه فدخل أنفه بين وجنتيه قال فلمّا رأوا ما لقي خلّوه.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أخبرنا جدي ، أنبأنا أبو محمد بن زبر ، حدّثنا إبراهيم بن مهدي الأيلي ، حدّثنا أبو حاتم السّجستاني ، حدّثنا الأصمعي ، عن العمري ، قال : أول من أذّن بلال ، وأول من ابتنى مسجدا يصلّى فيه عمّار بن ياسر ، وأول من رمى بسهم في سبيل الله سعد بن أبي وقاص ، وأول من تغنّى بالحجاز المصطلق أبو (٣) خزاعة وإنما يسمى المصطلق لحسن صوته.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أخبرنا رضوان بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الجبّار ، حدّثنا يونس بن بكير ،
__________________
(١) بالأصل : فاشتري والصواب عن م.
(٢) عن المطبوعة ١٠ / ٣١٥ وبالأصل «لا ليتاماه».
(٣) كذا واسم المصطلق : جذيمة بن سعد بن عمرو من خزاعة انظر جمهرة ابن حزم ص ٢٣٩ والاشتقاق لابن دريد ٤٧٦.