دعوته في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذلك البيت وحماته ، وولاته ، وسقاه وخدمه وخزّانه وحجّابه حتى يبتدعوا أو يغيّروا ويبدّلوا ، فإذا فعلوا ذلك فأنا أقدر القادرين على أن أستبدل من أشاء بما أشاء ، وأجعل إبراهيم إمام ذلك البيت ، وأهل تلك الشريعة يأتمّ به من حضر تلك المواطن من جميع الجن والإنس يطئون بها آثاره ، ويتبعون فيها سنّته ، ويقتدون فيها بهديه. فمن فعل ذلك منهم أوفى بنذره ، واستكمل نسكه ، وأصاب بغيته ، ومن لم يفعل ذلك منهم ضيّع نسكه ، وأخطأ بغيته ، ولم يوف نذره ، فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن أين أنا ، فأنا مع الشّعث الغبر الموفين بنذرهم ، المستكملين مناسكهم ، المتبتلين إلى ربهم ، الذي (يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ)(١).
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي ، نا يحيى بن عثمان بن صالح ، نا أبو صالح الجهني حدثني ابن لهيعة عن يزيد ، عن أبي الخير ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما : ابنيا لي بيتا ، فخط جبريل ، فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء ، ثم نودي من تحته : حسبك يا آدم ، فلما بناه أوحى الله تعالى إليه : أن يطوف به ، وقيل له : أنت أول الناس ، وهذا أول بيت ثم تناسخت القرون ، حتى حجّه نوح ، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه» [٢٠٣٧].
قال البيهقي : تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعا.
أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنا أبو حامد الأزهري ، أنا أبو محمد المخلدي (٢) ، أنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الإسفرايني (٣) ، نا أبو سعيد حاتم بن منصور الشاشي ـ نزيل مكة ـ نا عبد الوهاب بن فليح أبو إسحاق المقرئ ، نا أحمد بن بحر ، نا محمد بن كثير البصري ، عن عبيد بن المنهال ، عن سليمان بن
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٩٩. وسورة النور ، الآية : ٢٩.
(٢) اسمه الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي ، ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٥٣٩.
(٣) هذه النسبة إلى أسفراين وهي بليدة بنواحي نيسابور ، ويقال فيها : أسفرائين ، ترجمته في سير الأعلام ١٤ / ٥٤٧ (٣١٣).