البيت فطاف به ومن بعده من الأنبياء.
قال : ونا المفضل ، نا إسحاق بن إبراهيم ـ وهو الطبري ـ نا سعيد بن سالم القدّاح ، عن عثمان بن ساج أخبرني محمد بن إسحاق قال : بلغنا أن آدم لما أهبط إلى الأرض حزن على ما فاته مما كان يراه ويسمع في الجنّة من عبادة الله ، فبوّأه الله البيت الحرام وأمره بالسير إليه ، فكان لا ينزل منزلا إلّا فجّر الله له ماء معينا حتى انتهى إلى مكة ، فأقام بها يعبد الله عند ذلك البيت ، ويطوف به فلم يزل داره حتى قبضه الله بها.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، نا أحمد بن مروان ، نا (١) أحمد بن محمد ، نا عبد المنعم ، عن أبيه ، عن وهب قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى آدم صلىاللهعليهوسلم أنا الله ذو بكة أهلها جيرتي وزوارها وفدي وأضيافي وفي كنفي ، أعمّره بأهل السماء والأرض يأتونه أفواجا شعثا غبرا ، يعجون بالتكبير عجيجا ، ويرجّون بالتكبير رجيجا ، ويثجّون بالبكاء ثجيجا ، فمن اعتمده لا يريد غيره ، فقد زارني وضافني ووفد إليّ ونزل بي وحقّ لي أن أتحفه بكرامتي ، وأجعل ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناه لنبي من ولدك يقال له : إبراهيم أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته ، وأنيط له سقايته ، وأورثه حلّه وحرمه ، وأعلّمه مشاعره ، ثم تعتمره الأمم والدول حتى ينتهي إلى نبيّ من ولدك يقال له : محمد ، وهو خاتم النبيين ، وأجعله من سكانه وولاته وحجّابه وسقاته ، فمن سأل عني يومئذ فأنا مع الشّعث الغبر الموفين بنذورهم ، المنقلبين إلى ربهم.
أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو ذرّ بن أبي الحسين بن أبي القاسم المذكّر ، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ ، قالا : أنا الحسن بن محمد بن إسحاق ، نا محمد بن أحمد بن البراء ، أنا عبد المنعم بن إدريس ، حدثني أبي ، عن جده وهب بن منبه قال : ذكر وهب بن منبه : أن آدم لما أهبط إلى الأرض استوحش فيها لما رأى من سعتها ولم ير فيها أحدا غيره فقال : يا ربّ أما لأرضك هذه عامر يسبّحك فيها ويقدّس لك غيري؟ قال الله : إني سأجعل فيها من ذرّيتك (٢) من يسبّح
__________________
(١) مطموس بالأصل ، والصواب ما أثبت عن م.
(٢) تاريخ الطبري ١ / ١٣١ من ولدك.