القاسم بن معروف ، أنا أبو العباس محمد بن عبد الله بن إبراهيم اليافوني (١) ، نا أحمد بن أبي عبد الرّحمن العسقلاني ، نا الهيثم بن جميل ، نا حمّاد بن سلمة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زرّ بن حبيش قال : قلت لابن مسعود : ما هذه الأيام البيض؟ وكيف سمّيت الأيام البيض؟ قال : لأنه لما عصى آدم ربه نودي من لدنان العرش : يا آدم اهبط من جواري فإنه لا يجاورني من عصاني ، قال : فأهبطه الله إلى الأرض مسودّا فلما رأته الملائكة ضجّت وبكت وانتحبت إلى الله عزوجل وقالوا : يا رب خلق خلقته بيدك ، ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك من ذنب واحد حوّلت بياضه سوادا ، قال : فنودي يا آدم الصوم ، فصام فوافى ذلك اليوم يوم ثلاثة عشر في الشهر ، فأصبح ثلث السواد قد ذهب ، ثم نودي اليوم الثاني وهو يوم أربعة عشر : يا آدم صم لي اليوم فأصبح وقد ذهب ثلثا السواد ، ثم نودي إليه اليوم الثالث وهو يوم خمسة عشر : يا آدم صم لي اليوم فأصبح وقد ذهب السواد. وردّ الله عليه البياض كلّه فسمّيت أيام البيض التي رد الله عزوجل على آدم فيها بياضه وقال : يا آدم هذه الأيام لولدك من بعدك ، من صامها فكأنما صام الدهر ، فقعد آدم حزينا قعدة القرفصاء (٢) ورأسه بين ركبتيه ، فبعث الله جلّ وعزّ إليه جبريل فزاره وقال يا آدم : ما هذا الجزع والفزع والهلع؟ قال : يا جبريل لا أزال (٣) هكذا حتى يأتي أمر الله ، قال : فإن الله يقرئك السلام ويقول : حياك الله يا آدم وبيّاك قال : قلت يا جبريل ، أما حيّاك الله فأعرفها فما بيّاك؟ قال : أضحكك ، قال : فضحك آدم ورفع رأسه إلى السماء وهو يمرح قال : يا رب زدني جمالا ، قال : فأصبح له لحية سوداء شبر في شبر ، قال : فضرب بيده ينظر إليها ثم قال : يا رب ما هذا؟ قال : هذا جمال لك ، وهو لموسى بن عمران من ولدك يعرف بها في الجنّة لا لأحد غيره ، فتقول الملائكة والنبيّون بعضهم لبعض : من هذا؟ فيقولون : كليم الله ربّ العالمين.
أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو الفضل المطهّر بن عبد الواحد بن محمد
__________________
(١) رسمها غير واضح بالأصل والمثبت عن م وهذه النسبة إلى يافا ، وهي من بلاد ساحل الشام ، ترجم له السمعاني باسم : محمد بن عبد الله بن عمير اليافوني (انظر الأنساب).
(٢) القرفصاء بضم القاف والراء على الاتباع ، أن يجلس على أليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ، ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه أو يجلس على ركبتيه منكبا ويلصق بطنه بفخذيه ويتأبط كفيه (القاموس).
(٣) بالأصل وم «زال».