حكى عنه ابنه المخارق.
قرأت في كتاب علي بن الحسين بن محمد الأموي (١) ، نا أحمد بن عبيد الله بن عمار ، حدّثني عمر بن محمد بن عبد الملك الزيات ، حدّثني ابن البطاح (٢) قال : وحدّثني أبو الأخضر المخارق بن الأخضر القيسي قال : قال أبي كنت والله الذي لا إله إلّا هو أخصّ الناس بجرير ، وكان ينزل إذا قدم على الوليد بن عبد الملك عند سعيد (٣) بن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، وكان عدي بن الرقاع خاصّا بالوليد مداحا له ، فكان جرير يجيء إلى باب الوليد فلا يجالس أحدا من النزارية ، ولا يجلس إلّا إلى رجل من اليمن بحيث يقرب من مجلس ابن الرقاع إلى أن يأذن الوليد للناس فيدخل.
فقلت له : يا أبا حزرة اختصصت عدوك بمجلسك؟ فقال : إني ـ والله ـ ما أجلس إليه إلّا لأنشده أشعارا تخزيه وتخزي قومه ، قال : ولم يكن ينشد شيئا من شعره ، إنما كان ينشده من شعر غيره ليذلّه ويخوّفه نفسه. فأذن الوليد للناس ذات عشية فدخلوا ودخلنا ، فأخذ الناس مجالسهم ، وتخلّف جرير فلم يدخل حتى دخل الناس ، وأخذوا مجالسهم ، واطمأنوا فيها ؛ فبينما هم كذلك إذا بجرير قد مثل بين السّماطين ، فقال : السلام عليك [يا](٤) أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، إن رأى المؤمنون أن يأذن لي في ابن الرّقاع المتفرقة أؤلف بعضها إلى ـ بعض قال : وأنا جالس أسمع ـ فقال الوليد : والله لقد هممت أن أخرجه على ظهرك للناس.
فقال جرير وهو قائم كما هو :
إن تنهني عنه فسمعا وطاعة |
|
وإلّا فإني عرضة للمراجم (٥) |
قال : فقال له الوليد : لا كثّر الله في الناس أمثالك ، فقال جرير : يا أمير المؤمنين
__________________
(١) الأغاني ٨ / ٧٩ في نسب جرير وأخباره.
(٢) الأغاني : ابن النطاح.
(٣) الأغاني : سعيد بن عبد الله بن خالد بن أسيد.
(٤) زيادة عن الأغاني.
(٥) البيت ليس في ديوانه ، وهو في الأغاني ٨ / ٨٠ والمراجم : الكلم القبيحة.