قال المرزباني : وحدثني العباس بن أحمد النحوي أن المأمون وقّع على ظهر هذه الأبيات :
إنما مجلس النّدامى بساط |
|
للمودّات بينهم وضعوه |
فإذا ما انتهوا إلى ما أرادوا |
|
من حديث ولذّة رفعوه |
قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين الكاتب (١) ، أخبرني عمّي ، حدّثني الفضل بن محمد اليزيدي حدّثني أخي أحمد ، عن عمه إبراهيم قال : كنت مع المأمون في بلد الرّوم ، فبينا أنا سائر في ليلة مظلمة شاتية ذات غيم وريح وإلى جانبي قبّة إذ برقت برقة فإذا في القبّة عريب ، فقالت : إبراهيم بن اليزيدي؟ فقلت : لبّيك ، فقالت : لبيك ، فقالت : قل في هذا البرق أبياتا أغنّي فيها ، فقلت :
ما ذا بقلبي من أليم الخفق |
|
إذ رأيت لمعان البرق |
من قبل الأردن أو دمشق |
|
لأنّ من أهوى بذاك الأفق |
فارقته وهو أعز الخلق |
|
عليّ والزّور خلاف الحقّ |
ذاك الذي يملك مني رقّي |
|
ولست أبغي ما حييت عتقي |
فتنفست نفسا ظننت أنه قد قطع حيازيمها (٢) ، فقلت : ويحك على من هذا؟ فضحكت ، ثم قالت : على الوطن ، فقلت : هيهات ليس هذا كله للوطن ، فقالت : ويلك أفتراك ظننت أنك تستفزني ، والله لقد نظرت نظرة مريبة في مجلس ، فادّعاها أكثر من ثلاثين رئيسا ، والله ما علم أحد منهم لمن كانت إلى هذا الوقت.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٣) : إبراهيم بن أبي محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة ، أبو إسحاق العدوي المعروف ب [ابن](٤) اليزيدي. أخو أبي عبد الله محمد (٥) ، وهو بصري سكن بغداد ،
__________________
(١) الخبر في الأغاني ٢٠ / ٢٤٩ والأبيات فيها.
(٢) الحيازيم جمع حيزوم وهو ما استدار بالظهر والبطن ، أو ضلع الفؤاد ، وما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر (القاموس).
(٣) تاريخ بغداد ٦ / ٢٠٩ ـ ٢١٠.
(٤) استدركت للإيضاح عن تاريخ بغداد.
(٥) قوله : «أخو أبي عبد الله محمد» سقط من تاريخ بغداد المطبوع.