القول الثاني : يرى جواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقاً. وذهب إلى هذا القول بعض ، كعطاء ابن أبي رباح والبتّي (١).
ولكن قال ابن عبد البرّ : « وهذا قول مردود بالسنّة والحجّة المجمعة على الطعام. وأظنّه لم يبلغه هذا الحديث ، ومثل هذا لا يلتفت إليه » (٢).
أقول : إن هذا القول ـ الثاني ـ اختاره بعض علماء الامامية على كراهيته (٣) وذلك للجمع بين الروايات المروية عن أهل البيت عليهمالسلام التي تنهى عن بيع الطعام أو المكيل والموزون قبل قبضه. والروايات التي أجازت ذلك ، فحملت الروايات الناهية على الكراهية لقرينة الروايات المجوِّزة التي منها :
١ ـ رواية الكرخي : قلت للإمام الصادق عليهالسلام : أشتري الطعام من الرجل ثم أبيعه من رجل آخر قبل أن أكتاله ، فأقول : ابعث وكيلك حتى يشهد كيله إذا قبضته ؟ قال عليهالسلام : « لا بأس » (٤).
__________________
أقول : الرواية المروية عن النبي صلىاللهعليهوآله عن شراء الصدقات حتى تقبض قد رويت في مجالس الشيخ الطوسي : قال : « ابتعت طعاماً من طعام الصدقة ، فاربحت فيه قبل أن أقبضه ، فسألت النبي صلىاللهعليهوآله ؟ فقال : لا تبعه حتى تقبضه ». راجع مكاسب الشيخ الأنصاري ٢ : ٣١٧.
(١) المحلّى ، لابن حزم : ج ٨ ، ص ٥٩٧ ، والمغني : ج ٤ ، ص ٢٢٠.
(٢) المغني : ج ٤ ، ص ٢٢٠.
(٣) حكي هذا القول عن الشيخين ( الطوسي والمفيد ) في المقنعة والنهاية والقاضي ، وهو المشهور بين المتأخرين. راجع مكاسب الشيخ الأنصاري ٢ : ٣١٦ ، وراجع المختصر النافع : ص ١٤٨.
(٤) وسائل الشيعة : ج ١٢ ، ب ١٦ من أحكام العقود ، ح ٣.
أقول : أمّا رواية خالد بن الحجاج الكرخي فهي ضعيفة لعدم توثيق خالد ، وأيضاً لم يذكر سند الصدوق إليه مع أن الرواية يسندها الصدوق إليه.
وأما رواية جميل بن دراج فهي ضعيفة لوجود علي بن حديد الذي ضعّفه الشيخ الطوسي. نعم ، هناك روايتان صحيحتان قد يستدل بهما على حمل النهي الوارد في بيع المكيل أو الموزون قبل قبضه على الكراهية ، وهما كما في وسائل الشيعة :