مثل الرواية الثالثة المتقدّمة ( صحيحة علي بن جعفر ) وغيرها ، إلاّ أن روايات « ليس شيء ممّا حرمه الله تعالى إلاّ وقد أحله لمن اضطر إليه » تجوِّز ذلك إذا كان ضرورة ، ولا يمكن الدواء إلاّ به.
ولا تأتي هنا قاعدة « إنّ الله لم يجعل في شيء ممّا حرم دواءً ولا شفاءً » لأنّها منصرفة إلى خصوص الأكل والشرب.
إذن النتيجة : هو جواز التداوي بعين النجس إذا لم يكن أكلا أو شراباً ، ولو لم تكن ضرورة إلى ذلك.
أقول : هذه هي الصورة الواسعة المنتشرة في الدواء ، حيث يوضع النجس مع مواد اُخرى بحيث يستهلك فيها ولا ينعدم ، فهل يجوز استعمال الدواء في هذه الصورة وإن كان هناك دواء غيره ، أو يجوز في صورة انحصار الدواء بالنجس المستهلك ؟
الجواب : مرةً نتكلّم عن صورة كون الدواء هو عبارة عن الأكل والشرب.
ومرة نتكلّم عن صورة كون الدواء ممّا ينتفع به بغير الأكل والشرب.
أمّا في الصورة الاُولى فإنّ الاستهلاك الذي حصل للنجس في ضمن غيره لا يجعله طاهراً ، فيبقى الدواء الذي فيه النجس على حكم عدم جواز اكله أو شربه ، سواء كان مائعاً أو لا ، وذلك لأنّ الشبهة هي وجود النجس في المادة ، ولا يجوز تناول المادة التي فيها النجس ، وعلى هذا فإذا كان هذا الدواء غير منحصر لذلك الداء فلا يجوز استعماله ، وذلك لعدم التزاحم بين حرمة أكل النجس أو شربه ، وبين وجوب السعي في الشفاء من الداء لوجود الدواء الطاهر ، أمّا إذا كان هذا الدواء قد انحصر فيه الاستشفاء فهل يجوز شربه أو أكله أم لا ؟