يحسّ ضعفاً على نفسه. قلت : فهل تنقض الحجامة صومه ؟ فقال : لا. قلت : ما معنى قول النبي صلىاللهعليهوآله حين رأى من يحتجم في شهر رمضان : أفطر الحاجم والمحجوم ؟ فقال عليهالسلام : إنّما أفطرا لأنّهما تسابّا وكذبا في سبّهما على النبي صلىاللهعليهوآله لا للحجامة » (١).
وهكذا نفهم أنّ الحجامة بما هي ليست من المفطرات ، ولكن إذا خاف الإنسان منها على نفسه ـ للضعف الذي ينتابه منها فيغشى عليه ـ تكون مكروهة ، وكذا سحب الدم منه أو إخراجه أو الفصد ، لنفس الملاك. وكذا الكلام في نقل الدم لإسعاف المريض فإنّه لا يوجب الإفطار ؛ لعدم دليل على ذلك.
ولأهل السنّة في الحجامة أقوال ثلاثة هي :
١ ـ قول بالمفطّرية : ذهب جماعة منهم محمد بن المنذر ومحمد بن اسحاق واسحاق وعطاء وعبد الرحمن بن مهدي.
٢ ـ قول بالاباحة : ذهب إليه جماعة منهم الإمام مالك والشافعي والثوري ، وكذا ذهب إليه الإمام أبو حنيفة وأصحابه.
٣ ـ قول بالكراهة : ذهب إليه الحكم ، حيث قال : احتجم رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو صائم فضعف ثم كرهت الحجامة للصائم (٢).
أقول : لقد وردت الروايات المجوّزة لاستعمال الدواء في الاُذن أو العين بشرط عدم وصوله الى الحلق أو الجوف الذي يضرّ بصدق الصوم ، فالميزان إذن في الإضرار بالصوم هو وصول نفس الدواء الى الحلق الذي يكون مصداقاً للأكل
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ٧ ، ب ٢٦ ممّا يمسك عنه الصائم ، ح ٩. وقال الصدوق : فقد قيل في معنى قوله : ( افطر الحاجم والمحجوم ) : أي دخلا في فطرتي وسنتي ؛ لأنّ الحجامة ممّا أمر به صلىاللهعليهوآله واستعمله.
(٢) المغني لابن قدامة : ج ٣ ، ص ٣٦ و ٣٧.