٥ ـ هل يستحب الاجتناب عن مشكوك الذابح ؟
بعد أن ذكرنا حلية أكل اللحم المشكوك ذابحه « أو المشكوك حلية أكله من ناحية الشبهة الموضوعية » فهل يوجد دليل على استحباب اجتنابه ؟
والجواب على ذلك : أنّ الشيخ الأنصاري قدسسره ذكر حسن الاحتياط بترك الأكل ، حيث إنّ الاحتياط حسن عقلاً وراجح شرعاً في كل موضع لا يلزم منه الحرام ، وما قيل من أنّ الاحتياط يلزم منه العسر والحرج واختلال النظام فإنّه في صورة وجوب الاحتياط ، لا في حسنه واستحبابه (١) ، وعليه فيستحب اجتناب اللحم المشكوك ذابحه بلا كلام.
هذا ، وقد ذكر صاحب الجواهر قدسسره : أنّ « ما يباع في أسواق المسلمين من الذبائح واللحوم والجلود يجوز شراؤه ، ولا يلزم الفحص عن حاله أنّه جامع لشرائط الحلّ أو لا ، بل لا يستحب ، بل لعلّه مكروه ؛ للنهي عنه في صحيحة الفضلاء (٢) « سألوا الإمام الباقر عليهالسلام عن شراء اللحم من الأسواق ولا يدرون ما صنع القصابون ؟ فقال عليهالسلام : كُلْ إذا كان ذلك في أسواق المسلمين ولا تسأل عنه » (٣). وعلى هذا فيكره السؤال عما وجد في أرض المسلمين يباع ويشترى ، وهذا لا ينافي استحباب الاجتناب ، كما هو واضح.
إنّ ما تقدّم كان عبارة عن الأدلّة الدالة على حلية أكل لحم ما جهل اسلام ذابحه ممّا حلّ أكل لحمه. وأمّا هنا فنريد أن نثبت أنّ الأصل العملي ـ الذي يُلجأ
__________________
(١) فرائد الاُصول ( رسائل الشيخ الأنصاري ) : ج ١ ، ص ٣٧٦.
(٢) الفضلاء هم : « زرارة والفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم ».
(٣) جواهر الكلام ٣٦ : ١٣٨ ، وصحيحة الفضلاء مصدرها الوسائل : ج ١٦ ، ب ٢٩ من الذبائح ، ح ١.