إذن تبيّن أن القبض له معنى عرفي واحد ، وهو الاستيلاء والتسلط على الشيء. نعم ، قد يقع الاختلاف في مصاديق القبض وصوره باختلاف الأموال.
٣ ـ هل النهي عن البيع قبل القبض عام ، أو فيه استثناء ؟ وما هي آراء الأئمة وأدلّتهم ؟
إنّ مسألتنا هذه هي في صورة وقوع البيع على سلعة عند البائع ، ثم أراد المشتري بيعها قبل قبضها ، فهل البيع الثاني صحيح قبل قبض المشتري السلعة ؟
أقول : إنّ الأقوال المهمة في هذه المسألة أربعة ، هي :
القول الأول : يرى عدم جواز بيع المبيع قبل قبضه مطلقاً ، سواء كان المعقود عليه طعاماً أم غيره ، وسواء كان مكيلا أو موزوناً أو عقاراً أو منقولا ، وذهب إلى هذا القول الإمام الشافعي (١) وأكثر أصحابه والإمام أحمد في رواية (٢) وجمع غفير من العلماء.
واحتجّوا بنهي النبي صلىاللهعليهوآله عن بيع الطعام قبل قبضه ، وبما روى أبو داود : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله نهى عن أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم. وروى ابن ماجة : أن النبي صلىاللهعليهوآله نهى عن شراء الصدقات حتى تقبض. وروى أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لمّا بعث اُسيد إلى مكّة قال : « إنهَهُم عن بيع ما لم يقبضوه ، وعن ربح ما لم يضمنوه » (٣).
__________________
(١) الام : ج ٣ ، ص ٦٠.
(٢) المغني لابن قدامة : ج ٤ ، ص ١٢١ ـ ١٢٣.
(٣) هذه الأحاديث ذكرت في المغني : ج ٤ ، ص ٢٢١.