وفخّ قد اختلف فقهاء الإماميّة في كونها ميقاتاً للصبيان على قولين :
الأوّل : ذهب جمع من فقهاء الإماميّة ( رضوان الله عليهم ) الى كون فخ ميقاتاً للصبيان ، بمعنى جواز تأخير إحرامهم الى هذا المكان من دون تعيّن ذلك عليهم ، واستدلوا لذلك بصحيح أيوب بن الحر ، قال : « سُئل الإمام الصادق عليهالسلام عن الصبيان من أين يجرّد الصبيان ؟ قال عليهالسلام : كان أبي يجرّدهم من فخ » (١).
هذا إذا مرّوا من طريق المدينة ، أمّا إذا مرّوا من طريق آخر فيحرمون من الميقات الذي مرّوا عليه ، فقد ذكر جماعة : أن في الرواية كناية عن جواز إحرامهم من فخ. بل ربما نسب الى الأكثر ، بل في الروضة يظهر من آخر عدم الخلاف فيه.
الثاني : ذهب آخرون الى أن إحرام الصبيان من الميقات ، ولكن رُخّص لهم في لبس المخيط الى فخ ، فإذا وصلوا الى فخ جرّدوا منه ، استناداً الى ظاهر الصحيح المتقدم في حمله على الحقيقة ، وظاهر الروايات المقتضية لزوم الإحرام من الميقات.
وإذا كان إحرام الصبيان من الميقات مطلقاً في حجّ أو عمرة ، وكان مطلقا حتى لمن كان من أهل مكة وأراد العمرة المفردة ـ كما هو ظاهر إطلاقهم ذلك ـ فحينئذ على القول الثاني يكون إحرام المعتمر من التنعيم الحالي البالغ بعده ستة كيلومترات ، مع أن الصبي يحرم من الميقات ، ولكن يجرّد من فخّ الذي يبعد ستة كيلومترات أيضاً ، وهذا فيه بعدٌ عرفيّ واضح يكون الصبي في هذا الحكم أشد حالا من البالغ ، أمّا بالنسبة إلى القول الأول فإنّ الصبي والبالغ في هذا الحكم سيّان ، مع أن العرف يرى لابدّية أن يكون إحرام الصبي أسهلَ من البالغ إذا أردنا الإرفاق به (٢).
ولنا في الجواب على هذا التشكيك عدّة مسالك نستعرضها إن شاء الله تعالى :
__________________
على صدر إنسان فجذبوها ، فإذا الدم يندفع من موضعها ، فتركوها ، فاذا هي ترتدّ بسرعة الى مكان النزيف فتوقفه ».
(١) وسائل الشيعة : ج ٨ ، باب ١٨ من المواقيت ، ح ١.
(٢) قد يقال : إنّ الرواية في تجريد الصبيان من فخّ ناظرة لمن أحرم من طريق المدينة فقط ، فلا اطلاق فيها لما نحن فيه.