العورة فيما إذا كانا غير راجعين إلى الشهوة ـ حينما تكون في النظر الاجتماعي مزاحمة لمصلحة اجتماعية مهمّة فالعرف لا يرى محلا لهذا الاحترام ، فيكون دليل الحرمة منصرفاً عن هذه الموارد.
ولنضرب لذلك امثلة حتى يتوضّح المقصود :
١ ـ لو ادّعي على بنت باكر انّها زانية ، وكان هناك شهود على هذه الدعوى ، ولكن البنت تنكر الزنا ففي هذه الصورة يكون عرضها على الطبيبة مزيلا للمشكلة ، إلاّ أن الفحص والنظر إلى العورة حرام ، وتحمّل الحدّ ليس حراماً ، فلو لم ننظر إلى ما قلناه ( في فرع ب ) فقد يقال : يجب عليها تحمّل الحدّ ، ويحرم النظر عورتها.
ولكنّ الفهم العرفيّ الاجتماعيّ لا يقبل ذلك ، حيث يفهم العرف أن حرمة النظر إلى عورتها من قبل الطبيب ليس إلاّ لاحترامها ، والعرف يرى أنّه لا محلّ لهذا الاحترام هنا حيث زوحم بأمر مهم جداً « رفع التهمة عنها » بواسطة النظر العورة.
ولهذا نقول : إنّ الحكم التحريمي الاحترامي يتخصّص بهذا الارتكاز العرفي ، فلا يكون شاملاً لما نحن فيه ، إذ العرف العقلائي يسفّه الحكم بعدم تعلم الطب ؛ لتوقفه على النظر المحرم أو التشريح المحرم ، والمفروض أنّ الحكم بحرمة النظر والتشريح ليست تعبدية محضة حتى يقال : لا مجال لنظر العرف فيها.
٢ ـ إذا علمت المرأة انها إذا تزوجت فسوف تبتلى بنظر النساء إلى عورتها عند الولادة ، وبما أن أصل الزواج ليس واجباً فهل نحكم الزواج ، أو نقول : إنّ دليل الزواج وجوازه خصَّص دليل حرمة النظر إلى العورة بغير صورة الولادة ؟ (١)
الجواب : أنّنا لا نحكم بحرمة الزواج ، ولا نقول بأنّ دليل جواز الزواج
__________________
(١) قد يقال هنا بأن الزواج في وقته جائز والنظر إلى العورة عند الولادة مضطرّ إليها في وقتها فتكون حكماً ثانوياً جائزاً لتغيّر الموضوع ، كالتيمم عند فقد الماء ، وكالقصر عند حدوث السفر.