العمل بدون رضا الفرد ؟ (١)
وبحثنا الآن في صورة العمل الاختياري الذي يقوم به الفرد والطبيب ، فهل هذا جائز ؟
الجواب : قد يقال : إنّه عمل محرم في صورة يعدّ الجسم المأخوذ منه العضو ناقصاً ، لأنّه يدخل تحت اطلاق « لا ضرر ولا ضرار » التي تشمل الأحكام الشرعية التي يحدث منها الضرر والأفعال الضررية ، فإنّها كلها قد نهى عنها النبي صلىاللهعليهوآله بقوله : « لا ضرر ولا ضرار » ، ومن الأفعال الضررية : ضرر الإنسان لنفسه وجعل جسمه ناقصاً عرفاً ، وهو ضرر كبير لا يمكن أن يقال بجواز اقدام الإنسان عليه.
نعم ، يُستثنى من الحرمة ما لو كانت المرأة في حالة يضرها الحبل بصورة قد يؤدّي إلى فقدان الاُم حياتها ، ففي هذه الحالة تكون حياة الاُم مقدّمة على حرمة نقص العضو ، كسد الأنابيب المخصبة للحمل عند المرأة. كما تستثنى حالة ما إذا توقف على نقص العضو عند فرد نجاة إنسان آخر من الموت ، كما إذا كان هناك شخص يعاني من توقف كليتيه ، وقد أراد آخر أن يتبرّع له بإحدى كليتيه لينقذه من الموت ، ففي هذه الحالة ترتفع الحرمة التي تقدّم الكلام عنها ، وذلك لأنّ دليل حرمة أن ينقص الإنسان عضواً من أعضائه هو في صورة ما إذا كان التنقيص
__________________
(١) وقد ذكر لنا أن الصين قامت بعقم أكثر من مائة مليون شخص في عهد ماوتسي تونغ بالاكراه ، كما قامت انديرا غاندي ( رئيسة وزراء الهند ) في بداية السبعينات من هذا القرن بعقم احد عشر مليوناً من الرجال والنساء قسراً ، وطبعاً أنّ هذا العمل محرم لما فيه من انتهاك لحرية الإنسان ـ التي اعطاها الله سبحانه له ـ بدون مبرر ، كما أنّها انتهاك وتعدٍّ على جسم الإنسان وضرر عرفي متوجّه إليه.
ومثل هذا ما يحدث في إجراء التجارب القاسية والخطيرة على المسجونين بالاكراه.