المريض نفسه أو الطبيب أو إلى شخص ثالث ) بحيث يكون هذا الغرض الصحيح أعظم مصلحةً من احترام المؤمن فهنا يجب العمل على طبق أقوى المصلحتين أو أهم الأمرين ، وعلى هذا المنهج جميع موارد التزاحم في الواجبات والمحرمات ، سواء كانت من حقوق الله أو حقوق الناس (١).
وبعبارة اُخرى : إذا امتنع الجمع بين أمرين الزاميين في مقام الامتثال مع عدم التكاذب في مقام التشريع فلابدّ من تقديم الأهم عند الشارع. وهنا نذكر بعض الأمثلة كمصاديق لهذه القاعدة :
١ ـ إذا كان كتمان سرّ المريض يؤدّي بالمريض إلى ضرر أكبر من ضرر إفشائه ، كما إذا كان المريض بحاجة إلى كشف مرضه أمام عائلته ( لأجل العناية به بصورة دقيقة ، وكوقاية من استفحال المرض في صورة عدم الاعتناء بالمريض ، وكحجره في صورة اللزوم لمعالجته ) حتى يقضى على ذلك المرض في مهده ولا يكون مهدداً لنفس المريض ، ففي هذه الحالة يكون في كشف السرّ مصلحة أهم من كتمانه ، فيجوز في هذه الحالة الكشف لمصلحة المريض ، ولكن الكشف في هذه الحالة ينبغي أن يقتصر فيه على حدود رفع الضرر على المريض ولا يجوز تجاوزه كما هو واضح.
٢ ـ إذا كان في كتمان سرّ المريض مفسدة كبيرة تؤدي إلى إصابة شريحة كبيرة من المجتمع بذلك المرض المسري كعائلته وأهله وجيرانه بل أهل بلدته ، وبعبارة اُخرى : يكون في إفشاء سرّ المريض مصلحة عامّة تكمن في الوقاية من هذا المرض
__________________
(١) إذا كان هناك حكمان الزاميان ليس في كل منهما دلالة التزامية على نفي الحكم الآخر ولم يمكن امتثالهما معاً ، بل دار الأمر بين أن يمتثل هذا او ذاك ، فيسمى هذا بالتزاحم بين الحكمين ، ومرجحات التزاحم التي ذكرت في الاُصول كلّها ترجع إلى أهمية أحد الحكمين عند الشارع ، فالأهم عند الشارع هو الأرجح في التقديم ويكفي للتقديم احتمال الأهمية أو قوة احتمال الأهمية.