اُناس آخرين ، إذ المطلوب ممّن اطلع على سرّ اخيه في غير حالة العلاج الطبي هو نسيانه ، أمّا السرّ الطبي الذي اطّلع عليه الطبيب من مريضه يوجب عليه أن يتمسّك به ولا ينساه وأن يتذكره كلّما راجعه المريض أو أحد اقربائه كولده ـ مثلاً ـ أو اخيه إذا راجعه في سنيّ حياته المقبلة ، إذ قد يكون هذا السرّ هو مفتاح حياة المريض أو اُسرته ، كما هو الحال في الأمراض التي تنتقل بالوراثة إلى الفروع.
وعلى كل حال فنحن نريد أن نعرف الحكم الشرعي في إفشاء هذا السرّ خصوصاً إذا كان المريض لا يرغب أو يمانع اطلاع غير طبيبه على هذا السرّ من ناحية كونه عيباً عرفياً في بدنه أو يوجب الاطلاع عليه هتكه وتعييره في بعض الأحيان.
والجواب : أنّ الشريعة الإسلامية قد اوجبت كتمان كل سرٍّ من اسرار الإنسان المسلم بالعنوان الأولي ، فقد ورد الحث في الشريعة الإسلامية على كتمان سرّ المؤمن ، ووعد الله سبحانه أن يجعل لمن يكتم سرّ أخيه المؤمن الاستظلال بظل العرش يوم القيامة حيث لا ظلّ إلاّ ظلّ الله (١).
وعلى هذا يكون حفظ السرّ الطبي من ناحية حكمه الأولي واجباً ، فلا يجوز البوح به ـ إذا لم ينطبق عليه غير عنوان كشف السرّ ـ من ناحية الأطباء والجراحين ورجال الصحة والقوابل وكل من يتلقى الأسرار الطبية كالطلبة والمساعدين في الكليات والمستشفيات.
ولا حاجة إلى أن نستدل على حرمة كشف السرّ الطبي ـ إذا لم ينطبق عليه غير عنوان كشف السرّ ـ بعد معرفة حرمة أذيّة الإنسان (٢) بإفشاء عيبه وتعييره
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٤ ، ب ١٢ مقدمات النكاح ، ح ٣.
(٢) وقد دلّت الروايات المتواترة على حرمة إيذاء المؤمن وإهانته وسبّه وتعييره حتى في صدور المعصية منه ، راجع وسائل الشيعة : ج ٨ ، أبواب العشرة من الحج. كما دلّت الروايات الكثيرة