وتوضيح ذلك : إنّ خلايا الجسم ( غير الجنسية ) كخلايا الأمعاء والجلد والعظم وغيرها تشتمل على نواة في داخل الخلية هي سرّ النشاط الحياتي فيها ، ويحيط بالنواة غشاء نووي ، وتحتوي النواة بداخلها على شبكة مكوّنة من ستّة وأربعين شريطاً تسمى بالأجسام الصبغيّة ( الكروموزومات ) ، أمّا باقي مساحة الخلية فيما بين النواة وبين جدار الخلية فمليء بسائل يعرف بالسائل الخلوي أو ( السيتوبلازم ).
والأجسام الصبغية ( الكروموزمات ) الستة والأربعون هي حوامل الصفات الوراثية تسمّى ( الجينات ) ، وهي التي تقرّر الصفات الوراثية للفرد.
وتتكاثر الخلية بالانقسام الذي بموجبه ينشقّ كلّ شريط من هذه الأجسام طولياً إلى نصفين يتمّم كلّ منهما نفسه إلى شريط كامل بالتقاط المواد اللازمة من السائل المحيط به ، وهكذا تتكوّن شبكتان صبغيتان تغلِّف كلّ منهما نفسها بغلاف نوويٍّ لتصبح هناك نواتان تقتسمان السائل الخلوي ، ويحيط بكلٍّ منهما غشاء خلوي وتصبح الخلية خليتين ، وهكذا أجيالا بعد أجيال من الخلايا المتماثلة. فالخلية الجلدية ـ مثلاً ـ تنجب أجيالا من الخلايا الجلدية ، وخلية الكبد تعطي أجيالا من خلايا الكبد ، وهكذا.
أمّا الخلية الجنسية فلها خاصيتها التي ليست لغيرها ؛ وذلك بأنّها في انقسامها الأخير الذي تتهيّأ به للقدرة على الإخصاب لا ينشطر الشريط الكروموزومي إلى نصفين يكمّل كلّ منهما نفسه ، بل تبقى الأجسام الصبغية سليمة ويذهب نصفها ليكون نواة خلية ، والنصف الآخر ليكون نواة خلية اُخرى ، وحينئذ تكون نواة الخلية الجديدة مشتملةً على ثلاثة وعشرين من الأجسام الصبغية ، لا على ثلاثة وعشرين زوجاً ، ولهذا يسمّى هذا الانقسام بالانقسام الاختزالي ، فكأنّ النواة فيما يختصّ بالحصيلة الإرثية نصف نواة (١).
__________________
(١) إنّ الآيات القرآنية تشير إلى هذه الحقيقة ، فقد قال تعالى : ( خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها