الموضوعية أصالة الحلّ والطهارة (١).
أقول : ولكن هذا الكلام بإطلاقه خلاف التحقيق ، حيث تجري أصالة عدم التذكية في جميع أطراف الشبهة الموضوعية (٢) وذلك لعدم حصول مخالفة عملية حتى تتحقّق المعصية أو يتحقّق القبح ، بل الذي يحصل من جريان اصالة عدم التذكية المخالفة الالتزامية ، ولم يثبت وجوب الالتزام بالحكم الواقعي الفرعي مع قطع النظر عن العمل (٣).
لو تنزلنا عن ذلك والتزمنا بمسلك الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره القائل بأنَّ أصالة عدم التذكية لا تجري « للمناقضة بين الصدر والذيل في قوله : لا تنقض اليقين بالشك ، بل انقضه بيقين آخر » (٤) فحينئذ تصل النوبة إلى أصالة الاباحة في أطراف الشبهة الموضوعية ، ولكنّها لا تجري في المقام ؛ لوجود العلم الاجمالي بوجود غير المذكى ، حيث يكون جريانها موجباً للمخالفة العملية التي هي معصية.
إذن يكون العلم الاجمالي بوجود غير المذكى موجباً لحرمة الاجتناب عن
__________________
(١) راجع مهذّب الأحكام ، للسيد السبزواري ; : ج ٥ ، ص ٢٨٠.
(٢) ملاحظة : ليس كلامنا في وجود ميتة واحدة في اطراف عديدة غير محصورة حتى يقال : إنّ العلم الاجمالي غير منجز أو أن أطراف العلم الاجمالي ليس كلّها محلّ ابتلائنا ، إذ ما نحن فيه هو وجود كميّة كبيرة من اللحوم مذكاة ووجود كميّة كبيرة غير مذكاة ، وفي هذا الفرض وإن لم يكن أطراف العلم الاجمالي كلّها مورد ابتلاء ، إلاّ أن ما هو مورد ابتلائنا فيه علم اجمالي بوجود الميتة أيضاً.
(٣) راجع فرائد الاُصول للشيخ الأنصاري : ج ٢ ، ص ٧٤٤ طبعة جماعة المدرسين في قم ، ومصباح الاُصول ، تقريرات السيد الخوئي : ج ٣ ، ص ٢٥٧ ـ ٢٥٨.
(٤) فإنَّ « لا تنقض اليقين بالشك » ، شامل للشك المقرون بالعلم الاجمالي وجريان الاستصحاب بعدم تذكية للاطراف ، ومقتضى اطلاق اليقين في قوله عليهالسلام : « ولكن تنقضه بيقين آخر » ، هو شموله للعلم الاجمالي وعدم جريان الاستصحاب ـ أصالة عدم التذكية ـ في بعض الاطراف ، ولا يمكن الأخذ بكلا الاطلاقين.