فحرَّمه بعض لأنّه اُهلّ به لغير الله ، وأحلّه بعض استناداً إلى عموم آية ( وطعام الذين اُوتوا الكتاب حِلٌّ لكم ) (١).
أقول : جاء في لسان العرب : « وأهل الحجاز إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنوا به البُرّ خاصة ... قال : وقال الخليل : العالي في كلام العرب أنّ الطعام هو البُرّ خاصة » (٢) وهذا هو الذي يظهر من كلام ابن الأثير في النهاية.
ثم إنّ الروايات المروية عن أهل البيت عليهمالسلام (٣) تؤكّد أنّ المراد من الطعام في الآية هو البُرّ وسائر الحبوب ، فكأنّ الروايات عن أهل البيت تقول : إنّ الآية نزلت على لغة أهل الحجاز.
فعلى هذا لا يشمل هذا الحلّ لحوم أهل الكتاب.
على أنّ حلية ذبائح أهل الكتاب من دون توفر شروط حلية الذبيحة التي منها التسمية يؤدّي إلى نتيجة قد لا يلتزم بها أحد من المسلمين ، وهي كون أهل الكتاب أحسن حالا من المسلمين عند الله تعالى ، لأنّ المسلم إذا ذبح من دون تسمية عمداً حرمت ذبيحته ، أمّا الكتابي الذي يذبح من دون تسمية تحلّ ذبيحته للمسلمين ، على أنّ التمسّك بحلية كل (٤) طعامهم يلزم أنّ تحلل الخمر والخنزير ، فهل يمكن الالتزام بهذه النتائج ؟!
ولهذه النتيجة التي لا يلتزم بها مسلم ذهب الإمامية إلى أنّ حليّة الحبوب أيضاً جهتية ، بمعنى عدم المانع من طعامهم من ناحية كونهم أهل كتاب لا من الجهات الاُخرى.
__________________
(١) المغني : ج ١١ ، ص ٣٧.
(٢) لسان العرب : ج ١٢ ، باب طعم.
(٣) راجع وسائل الشيعة : ج ١٦ ، ب ٢٦ من الذبائح وب ٢٧.
(٤) لأنّ كلمة طعام عامّة تشمل كل طعام لهم.