(مرة) إلى إنكار الصغرى : من كون القبول حقا ، إذ ليس كلّ ما يجوز فعله كان حقا (وأخرى) إلى منع الكبرى : من كونه من الحقوق التي تنتقل بالإرث ، إذ رب حق متقوم بمستحقه لا يتعدى الى غيره ، ولعل حق القبول من ذلك ، بل الظاهر إنه كذلك ، حيث أن الإيجاب تمليك للموصى له ، والقبول تملك الوارث ، فلا يتطابقان. وبعبارة أخرى : تملك الوارث إن كان بتمليك الموصي له فالمفروض عدم تملكه فكيف يملك ، وان كان بتمليك الموصي فلم يحصل منه إيجاب يوجب تمليكه (١).
وفيه : أما ثبوت الصغرى ، فلأنه يكفي في ثبوت الحق حصول سبب الملك للمورث بحيث لا يتوقف الملك الا على شرط يحصل من قبله ، وهو الرضا به ، وما يكون كذلك مما يترتب عليه المال بعد عند العقلاء كنفس الأموال في كونه حقا يصدق عليه أنه تركه ، وبه يحصل الفرق بينه وبين القبول في سائر العقود ، فإنه جزء السبب فيها ، وهنا شرط التأثير من الإيجاب على تقدير الموت ـ على ما تقتضيه عمومات الوصية التي هي لغة وعرفا مجرد الإيجاب ـ فالقبول هنا كالقبض ونحوه من الشرائط المتوقفة عليها صحة العقد ، وتسميته مع ذلك عقدا لمجرد افتقاره الى القبول في مقابل الإيجاب الذي لا يفتقر اليه. وهذا القدر من الافتقار كاف في التسمية ، وان اختلفا في كون القبول هنا شرطا في التأثير ، وفي سائر العقود جزء السبب ، وبه اتضح الفرق بين القبولين ، وارتفع النقض بعدم إرثه في سائر العقود.
__________________
(١) راجع ذلك في أول كتاب الوصايا من المسالك للشهيد الثاني في شرح قول المحقق : «ولو مات ـ أي الموصى له ـ قبل القبول قام وارثه مقامه ..» وأول العبارة التي يظهر منها هذا الرد المقتضب هي قوله : وأما الاستدلال بكون القبول حقا للمورث ففيه .. إلخ