.................................................................................................
______________________________________________________
لكونها ناظرة إلى قاضي التحكيم ، أي الذي يتراضى به المتخاصمان الذي لا يشترط فيه إلّا معرفة شيء من أحكام القضاء ، لا إلى القاضي المنصوب ابتداءً الذي هو محلّ الكلام ويعتبر فيه الاجتهاد كما تقدّم ، وإلّا فقاضي التحكيم لا يكون حكمه نافذاً في غير خصم النزاع الذي رفعه المتخاصمان إليه ورضيا به حكماً ، لا في الهلال ولا في غيره بلا خلاف فيه ولا إشكال.
والمتحصّل من جميع ما قدّمناه لحدّ الآن : أنّه لم ينهض لدينا دليل لفظي معتبر يدلّ على نصب القاضي ابتداءً ، وإنّما نلتزم به من باب القطع الخارجي المستلزم للاقتصار على المقدار المتيقّن.
وعلى تقدير التسليم فالملازمة بينه وبين نفوذ حكمه في الهلال غير ثابتة ، فإنّ مجرّد تصدّي قضاة العامّة لذلك واتّباع الناس لهم لا يدلّ على كون الملازمة ملازمة شرعيّة ، بمعنى : أنّ كلّ من كان قاضياً كان حكمه في الهلال أيضاً ماضياً في الشريعة الإسلاميّة بعد أن لم يكن فعل القضاة حجّة متّبعة. ومن الجائز أن الشارع قد اقتصر فيه على الطرق المقرّرة لثبوته من الشياع والبيّنة والرؤية ، وإلّا فبالعمل بالاستصحاب بمقتضى قوله (عليه السلام) : «صم للرؤية وأفطر للرؤية» كما هو الشأن في غيره من سائر الموضوعات الخارجيّة التي منها دخول الوقت ، أفهل يحتمل ثبوت الغروب مثلاً بحكم الحاكم ليجوز الإفطار؟ كلّا ، بل على كلّ مكلّف تتبّع الطرق المتكفّلة لإثباته. فليكن هلال رمضان وشوّال أيضاً من هذا القبيل من غير أيّة خصوصيّة فيه. ولأجل ذلك استشكلنا في ثبوت الهلال بحكم الحاكم ، ومع ذلك كلّه فالاحتياط الذي هو سبيل النجاة ممّا لا ينبغي تركه.