الثامن : استدامة اللبث في المسجد (١) ، فلو خرج عمداً اختياراً لغير الأسباب المبيحة بطل من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به (٢).
______________________________________________________
بين الاستحباب الثابت بهذا العنوان وبين استحباب الاعتكاف في حدّ نفسه ، فيقدّم الأهمّ منهما والأرجح.
وقد عرفت أنّ الكلام في حكم الاعتكاف من حيث هو ، وأمّا من حيث تضمّنه للصوم المندوب وتوقّفه على الإذن فهو مطلب آخر أجنبي عمّا نحن بصدده.
(١) فلا يكتفى بطبيعي اللبث كيفما كان ، بل لا بدّ من استمراره واستدامته ثلاثة أيّام بلا خلاف فيه ولا إشكال ، وقد دلّت عليه جملة من النصوص التي منها صحيحتان لداود بن سرحان وحسنة كالصحيحة لعبد الله بن سنان (١) ، المتضمّنة للمنع عن الخروج عن المسجد اختياراً ، الظاهر في المنع الوضعي أعني : الإرشاد إلى الفساد لا مجرّد التكليف كما لا يخفى.
وأظهرها الصحيحة الثانية لداود بن سرحان ، حيث إنّ السؤال فيها عن حقيقة الاعتكاف وما ذا يفرضه المعتكف على نفسه لدى النيّة ، فبيّن (عليه السلام) أنّه لا يخرج من المسجد إلّا لحاجة ، فيظهر من ذلك دخله في ماهيّة هذه العبادة.
(٢) أمّا الجاهل المقصّر فلا إشكال في إلحاقه بالعالم ، لأنّه عامد بعد فرض تقصيره في التعلّم.
وأمّا القاصر وهو الذي يكون جهله عن عذر ، كمن أخطأ في اجتهاده
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٥٤٩ ٥٥٠ / أبواب الاعتكاف ب ٧ ح ١ ، ٣ ، ٥.