.................................................................................................
______________________________________________________
جواز العدول بعد العمل ، ولا ينقلب الشيء عمّا وقع ، فما وقع عن نيّة لا أمر به واقعاً حسب الفرض ، وما له أمر كصوم الكفّارة مثلاً لم يقصده فلم يقع عن نيّة ، فلا مناص من البطلان ، إذ الاجتزاء بغير المأمور به عن المأمور به يحتاج إلى الدليل ، ولا دليل.
وبهذا البيان يظهر البطلان في الثاني أيضاً ، فلا يمكن العدول بنيّته إلى واجب آخر ، لعدم الدليل عليه بعد أن كان مخالفاً لمقتضى القاعدة.
نعم ، لو أراد الصوم الندبي جاز ، لاستمرار وقت نيّته إلى الغروب ، وليس هذا من العدول في شيء ، بل هو من إيقاع النيّة في ظرفها ، لاستمراره إلى الغروب بعد تحقّق الموضوع ، وهو عدم كونه مفطراً كما هو المفروض.
وأمّا في الثالث : فقد تقدّم البحث عنه مستقصًى في مبحث النيّة (١) ، وأنّه هل يستفاد من الأخبار جواز تجديد النيّة قبل الزوال إذا كان الإخلال عن جهل أو نسيان ، أم لا؟ وقد عرفت ما هو الحقّ ، وقلنا : إنّ الصوم واجب واحد ارتباطي متقوّم بالإمساك من الفجر إلى الغروب عن نيّة ، فمتى أخلّ بالنيّة ولو بجزء من الوقت فقد أخلّ بالواجب ولم يكن مطابقاً للمأمور به ، فيحتاج الإجزاء حينئذٍ إلى الدليل ولا دليل ، إلّا في المسافر الذي يقدم أهله ولم يحدث شيئاً ، فإنّه يعدل بنيّته إليه. وأمّا فيما عدا ذلك فيحتاج القلب وتجديد النيّة إلى دليل ، وحيث لا دليل عليه بوجه فيبقى تحت أصالة عدم الجواز بمقتضى القاعدة حسبما عرفت.
هذا في الواجب المعيّن.
وأمّا الواجب غير المعيّن فلا إشكال في استمرار وقت النيّة فيه إلى الزوال
__________________
(١) شرح العروة ٢١ : ٤١ ٧٥.