بما يكون ، فعلمه به قبل كونه كعلمه به بعد كونه (١) ، ونفي الشيء لا يقتضي نفي الثبوت ، فليتأمّل.
وعن أيّوب بن نوح أنّه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الله أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوّنها ، أو لم يعلم ذلك حتّى خلقها ، أو أراد خلقها وتكوينها ، فعلم ما خلق عند ما خلق ، وما كوّن عند ما كوّن؟ فوقّع بخطّه : لم يزل الله عالما بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء (٢).
وعن محمّد بن حمزة قال : كتبت إلى الرجل عليه السلام أسأله أنّ مواليك اختلفوا في العلم ؛ فقال بعضهم : لم يزل الله عالما قبل فعل الأشياء ، وقال بعضهم : لا نقول لم يزل الله عالما ، لأنّ معنى يعلم يفعل ، فإنّ أثبتنا العلم فقد أثبتنا في الأزل معه شيئا ، فإن رأيت ـ جعلني الله فداك ـ أن تعلّمني من ذلك ما أقف عليه ولا أجوزه؟ فكتب بخطّه عليه السلام : لم يزل الله عالما تبارك وتعالى ذكره (٣).
ومثله رواية فضيل.
هذه الأخبار صريحة في المطلوب ، بل بعضها مشعر بثبوت الأعيان في علمه أزلا ؛ كما لا يخفى على المتدبّر.
ولا بأس بالاستدلال بها على أنّ علمه في الأزل متعلّق بالجزئيّات والكلّيّات ؛ كما هو مذهب المشهور من الحكماء ، وتفصيل القول في تلك
__________________
(١) الكافي ١ : ١٠٧.
(٢) الكافي ١ : ١٠٧.
(٣) الكافي ١ : ١٠٧.