فأطعمناك ، أو عطشان فسقيناك ، ومتى رأيناك غريبا فآويناك ، أو عريان فكسوناك ، أو متى رأيناك مريضا أو محبوسا فأتينا إليك؟! فيجيب الملك ويقول لهم : الحقّ أقول لكم ، إنّ الّذي فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الصغار فبي فعلتم.
حينئذ يقول للّذين عن يساره : اذهبوا عنّي يا ملاعين إلى النار المؤبّدة المعدّة لإبليس وجنوده ، جعت فلم تطعموني ، وعطشت فلم تسقوني ، وغريبا كنت فلم تؤووني ، وعريان فلم تكسوني ، ومريضا ومحبوسا فلم تزوروني.
حينئذ يجيبون ويقولون : يا ربّ ، متى رأيناك جائعا أو عطشان أو غريبا أو عريان أو مريضا أو محبوسا فلم نخدمك.
حينئذ يجيب ويقول لهم : الحقّ أقول لكم ، إذا لم تفعلوا بأحد هؤلاء الصغار فلا بي فعلتم ، فيذهب هؤلاء إلى العذاب الدائم ، والصدّيقون إلى الحياة الأبديّة.
قال الله تعالى : (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً) (١).
أقول : لمّا أشار تعالى إلى أنّ هؤلاء لقد حجبوا عن فيوضات القدس ، وتياسروا عن مقامات الأنس بمعصية الله ورسوله وأولي الأمر من آله فاختاروا الحياة الدنيا الفانية ، على الحياة الآخرة الباقية ، وآثروا اللذّة العاجلة على اللذّة الآجلة ، فاجترأوا على الله بمخالفته في أوامره ونواهيه ، وبترك
__________________
(١) الإنسان : ٢٨.