التاسع : الغناء ، وهو اسم لمالكيّة الحقّ ، فإنّ الملك التامّ لله وحده ؛ كما قال : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١) والعبد في ذلك المقام يقطع بأنّ الغنيّ المطلق ليس إلّا الذات البحت المجرّد عن جميع الشؤونات ، والمقدّس عن كلّ الصفات.
العاشر : مقام المرادين ، وهم الضناين الّذين ضنّ الله بهم على البلاء ؛ كما قال صلّى الله عليه وآله : إنّ لله ضناين من خلقه ألبسهم النور الساطع ، وغذّاهم في رحمته ، يضنّ بهم على البلاء.
قيل : ومعنى «ألبسهم النور الساطع» : نوّرهم بنور جماله. وذلك النور هو الّذي جاء في الخبر : إنّ الله خلق الخلق في ظلمة ثمّ رشّ عليهم من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضلّ.
هذا بيان مجمل من مبادئ السلوك ، ولكلّ منها مراتب يفصّل القول فيها في غير تلك الرسالة ، فهي السبيل إلى الحقّ وقربه ، فمن سلك بغير هذه المبادئ فقد أخطأ السبل ، كيف ولكلّ مقصد مسلك يوصل السالك فيه إليه ، وبغيره لا يمكن له الوصول أبدا ؛ إذ الوصول إلى المقصود مسبوق بقطع الأودية على الوجه المحمود ، وذلك واضح.
قال الله تعالى :
(وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً * يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً).
أقول : لمّا أوضح السبل لكافّة عباده بأن بيّن لهم طريق الرشد والضلالة ،
__________________
(١) غافر : ١٦.