وما قيل من أنّ تعلّق العلم الأزليّ بالمعلوم أزلا مستلزم لتعدّد القدماء ، وهو باطل موهون بأنّ تعدّد القدماء إنّما يبطل وينافي التوحيد لو قيل بالآلهة المتعدّدة القديمة ؛ كما سبق التفصيل.
وما روي من أنّ العلم ذاته ولا معلوم ، والسمع ذاته ولا مسموع ، والبصر ذاته ولا مبصر ، والقدرة ذاته ولا مقدور ، فلمّا أحدث الأشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ... إلى آخره ، لا ينافي ما قرّرناه ، لاحتمال أن يكون المراد بنفي المعلوم نفي وجوده الخارجيّ لا وجوده التقريريّ في الذات القديم.
وفي قوله «فلمّا أحدث الأشياء ...» إلى آخره ، إشارة إلى علمه الحادث المقارن لحدوث الأشياء بإيجادها المطابق للعلم الأزليّ الّذي لا يتغيّر ولا يتبدّل. كيف وهو مستلزم لتغيّر الذات وتبدّله وبطلانه بديهيّ.
قيل : إنّ تعلّق علمه بالمفهومات في الأزل ، فلا يخلو إمّا أن تكون موجودة ذهنا أو خارجا ، فيجب القول بثبوت الأعيان. وهو مذهب الصوفيّة المستلزم لتعدّد القدماء.
على أنّ المفهومات حينئذ لا تخلو إمّا قائمة بنفسها ، أو بغيرها ، وعلى الأوّل يلزم اتّحاد الحال والمحلّ ، وعلى الثاني يلزم تقارنها مع الذات. وفيه نظر يظهر وجهه بأدنى تأمّل.
وممّا يدلّ على المختار ما في الكافي عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : سمعته يقول : كان الله ولا شيء غيره ، ولم يزل عالما